Silwan Ibrahim

Comments in Arab Press - Articles

معرض الفنان اللبناني سلوان إبراهيم - مسرحة اللوحة - الضوء وكوميديا الأشكال - اللواء السبت 24/3/2007

- 1 -

في تجربة الفنان سلوان إبراهيم الكثير من التطور والتحول. فبعد أن كان تجريديا" وتكعيبيا" في مساحاته اللونية الهندسية أي هندسة الأشكال والسطوح، يأتي إلى تعبيرية صارخة مع شبهات تجريد. عبر معرضه في صالة عايدة شرفان (البلد)، حيث عبر خمس عشرة لوحة كبيرة بالألوان يشكل اسلوبا" فنيا" وجماليا" متحولا" ومنزاحا" عن اسلوبه السابق مع الحافظ على جوهر ألوانه وطاقاته الضوئية خاصة الأحمر والبرتقالي، وربما الأصفر، والفون الرمادي، والعلب الخشبية، حيث كائناته، المزدوجة رجلين أو رجل وامرأة أو امرأتين بين ممثلي كوميديا، أو راقصين أو مهرجين وفي اللوحات غنائية الأشكال الكائنات والثياب وبعض الأرابسك المتداخل في بعض اللوحات مع الألوان التي تشع ضياءات كما هي الكرات الحمراء والبرتقالية انه في حريق اللوحة وجمرها الملتهب دون دخان. ومع ألوان الرماد، وهو في لوحته بين الكوميديا ديلارتي الإيطالية أو في شرقية اشراقية عبر ألف ليلة وليلة. كأنما من هيئات وسمات وجوهه والألبسة التي تلبسها هذه الكائنات المتحركة الراقصة أو المحومة المحلقة فيي فضاء اللوحات وعبر علبها الخشبية المسرحية التي يتقن هندستها وتظليلها مع شوائب لونية فيها وفي الفون، أما الأردية والثياب المنفوخة بالهواء والمتماوجة على الأجساد الذانبة تفاصيلها تحتها مما يجعل بنية لوحته في المتانة و الشدة والقوة والتوتر والتواتر الذي يحكم موسيقى اللوحات وايقاعاتها العاصفة في هبوب كائناتها عبر هذا الفضاء الذي يخلق الجاذبية البصرية القوية لها والرؤيا التي ربما تفضي الى خفة الكائن الذي لا يحتمل كما رسمها ووطنها في محيط لوحاته ومساحاته الشاسعة نوعا" ما قياس المتر للوحة وهذا قياس كبير يتيح له التحكم بمجريات لوحته وجعل التوازنات وكمية الكائنات بثيابها تعال كمية الفون والعلب الموحى بها على أنها في الداخل وقد تكون معلقة في الفضاء هي والعلب على حد سواء حيث أن الأقدام مرتفعة عن الأرض.

- 2 –

هناك سوريالية قريبة المأخذ تنسرب عبر اللوحات. خاصة عبر الكائنات وكأنه يرسم الجغرافيين ويرسم الرحالة والمسرح والمهرجين الذين هم في رحيل دائم عبر جغرافية الأرض أو الفلك أو الزمن. لذلك نستطيع الذهاب في موضوع اللوحات إلى تأويلات وايحاءات مختلفة، لكن همنا الأول هو مقدار العقلانية في ضبط هندسة اللوحات والكرات التي فيها. ثم مقدار الغنائية في الكائنات ثم الطاقة الفنية اللطيفة والكثيفة للمزاوجة بينهما، بحيث تجيء اللوحة بكامل أبهتها وأناقتها ونصاعتها وشساعتها. وربما التحامها على نفسها والتئامها والتغامها بحيث تشكل كلا" متحدا" من مجموع مقاطعها وأجزائها التي تدلنا على دقة الفنان وتقنياته في توريف الألوان وتوريقها ونقشها ورقشها وحتى تهشيرها فو الفونات ومعادلات الأضواء والظلال والتجسيم والتسطيح وكأنه يتوحد في لوحته ويبزغ من خلالها على ثقة بأن ملكاته الفنية ترفده بهذا الغنى الخطي واللوني كما ترفده بطلاقة التطوير الذي يجيء من خيال حافل بكوميديا الحياة والدراما الخفية والعلنية المعقودة فيها والتي يعرف أنها تتفشى على كوكب الأرض بسبب الصراعات الحادة والحروب إلا أن هذا يجيء من طرف خفي في لوحاته ومن طبقات وردميات غائرة في آباره. وعمق أعماق اللوحات وربما عمق أعماق الألوان التي تظل هي الفاتحة والدليل في هذه الهاويات الكوكبية التي ورط نفسه بها وربما ورطنا معه، غير أن هذه الورطة تفضي إلى نشوة جمالية ويسر تفضي به الألوان.

زهير غانم

"ماريونات" خارج صندوق الفرجة لنرمين أبوخليل البلد 26 آذار 2007

تتهادى أعمال سلوان ابراهيم على شفير الألوان السابحة في فضاء الأغنيات والحكايات القادة من صندوق الفرجة كأنه يعيد الاعتبار للغة الأساطير التي تمتزج بلغات حديثة معبرة عن مساحات تشغل أكثر من مكان في العالم.

ما يناهز ثماني عشرة لوحة فنية عرضها ابراهيم في صالة عايدة شرفان التي طبعت بحكمة المزج بين الأصالة والتحديث في العمل الواحد، كان ابراهيم أحد الذين وضعوا

كأن الألوان والأشكال انكشاف رؤيوي لما هو خارج المحدود

أعمالهم في هذا القالب، فبدت ألوانه نارية في مربعات هادئة عكست مغامرة نوعية من خلال تكريس توافق الألوان على نغمات هرمونية مؤسسة وفقا" لهندسة عالية في مقاربة الأشكال.

تخيل

المحاولة الجاذة بدت واضحة عند سلوان لكسر الجليد الكلاسيكي في الصورة خصوصا" أنه اشتغل سابقاط على المساحات الكبيرة والأرابسك عبر إضافة نوعية في تغذية الإطار، وكأن التخيل لديه معني بملاحقة الظلال كتعميم رؤيوي لكسر مادة الجفاف التي قد تقع في إشكالية المشابهات الأسلوبية بين فنان وآخر. وهو إذ يفعل ذلك لأنه احب هذا السرد التعبيري للغة الحياة والوجود.

لا يبدو المسرح التلويني والتشخيصي خارج المألوف عند سلوان ابراهيم، بما هو حالة وأدوات مستعملة. فالماريونات جاءت كبحث تشخيصي يرمز لأطروحة سردية بدت كسلسلة مشهدية تروي وتسلي المشاهد، فكأنه يعيد الاعتبار لصندوق الفرجة أيام زمان الصندوق الذي استمر قابعا" في ذاكرتنا حتى يومنا هذا.

الخرافات، الأساطير، الملاحم، كلها جزء من تكوين تراثنا، لكن الألوان والأشكال بدت غريبة المنحى كأنها انكشاف رؤيوي لما هو خارج المحدود. أو للمسافات الزمنية، رغم أن الكرة أو الطابة الكروية بقيت متجسدة في معظم أعمال الفنان كمقدمة أساسية لنقل الفكرة من المكان إلى الزمان عبر نبش فضاءات وانتهاك مجرات واكواكب خارج فلكنا الأرضي، وهذا إسهام رمزي في تعميم الحلم والأسطورة، وبالتالي اللغة. فهو رغم تشكيله المربعات والمستطيلات أدلى بميل حقيقي للخروج بنفسه من الجزء إلى الكل، وهذا ما يتطلبه عمل الفنان في نظرته إلى معظم جوانب الحياة.

هوية

على امتداد معرضين سابقين (2001 و 2000) وثمانية معارض جماعية، إلى جانب المشاركة في مهرجانات وبيناليات محلية وعربية، يؤكد سلوان ابراهيم في معرضه هذا حرصه على تحديد هويته الفنية الباحثة عن رصد مكاني للذات المحتدمة بانطلاقات الأحمر الدالة على الثورة وللتمرد وكسر الخوف في داخله. كيف لا وهو

يؤكد ابراهيم في معرضه حرصه على تحديد هويته الفنية

في مرحلة النضج (1964) المطبوع بخضرمة الجيل المتوجه نحو التفتيش الدائم عن معاصرة تشبه الدائرة التي نعيش فيها ومن ضمنها نحاول كشف الملابسات والمفردات المحيطة.

فكما الجزء يفسر الكل إذا كان هادفا" كذلك الأمر بالنسبة للأجزاء الكلية التي تتداخل فيها إشارات ورموز تجعل الفكرة قادرة على مباغتة المبنى في معظم الأحيان. إنها الصور داخل الصندوق والأشكال لكنها صور لبناءات وأفكار وتضاريس ولغة على مسرح الكون المتثاقل بهموم الحياة وتأليفها، وقد يرع سلوان ابراهيم في استنطاق حركتها.

سلوان ابراهيم في " غاليري عايدة شرفان " - بالأحمر يتلاعب البهلوان بنا وبالشخصيات - "النهار" الخميس 15 اذار 2007

أشخاص سلوان ابراهيم يتنزهون في البر وفي الفضاء بل يسبحون غير آبهين بقانون الجاذبية وما قد يخلق لهم من مشاكل اذا دقت ساعة التخلي الالهية وسقطوا مثل التينة الناضجة، على الارض. أشبه بدمى متحركة بل هم نماذج حية لما يفترض ان تكون عليه تلك الدمى 14 لوحة من الاكريليك على القماش ذات أحجام كبيرة ومبتهجة في "غاليري عايدة شرفان" والمعرض مستمر الى نهاية الشهر.

تحتل الالعاب مكانة كبيرة في المعادلات الذهنية والشكلانية في آن واحد. ثمة في الجراء الكثير من الاكسسوارات والادوات وقد نقول "عدة الشغل". المفردات تتمخطر بين الرجال، تنحسر في زوايا مخصصة لحفظ الاواني الاشخاص ها هنا يحتاجون الى امكنة معينة ذات خصوصيات تساعد في تحولات الحركات والاجسام والادوات. الدقة تفرض المهنية المتقدمة : كل شيء في مكانه الساحر والمهرج والبهلوان ولاعب الخفة والراقص على الحبل والمحترف يعرف اساليب مهنته وخباياها ويدرك جيدا" كيف يجب أن تجري الامور لاسيما عندما يأتي المتفرج ليراقب ويندهش ويصفق.

لا تبحث هذه المقدمة عن تبريرات ولا عن حسابات دقيقة تفرض على المتلقي شروط اللعبة. اننا في الواقع في صالة عرض للفنون التشكيلية, ومن حولها البرلمان والجامع والكنيسة والى أعلى بقليل ثمة خيم يمكث فيها المعترضون على الموالين. هنا الوسط التجاري مهجورا" وأبواب المقاهي والمطاعم مقفلة والحركة مشلولة. أجد نفسي شبه نازحة لاني لم أعد أعثر على أمكنة تعج بالناس وعيونهم الملتهمة.

يتراءى لي أن المكان اشتاق الينا وينتظر الحضور لتبدأ حفلة الشطارة والبهلوانيات في صالة عايدة شرفان. حتى اللوحات تحتاج الى أصوات وقهقهات فظلا" عن العيون. كم عدد الحضور ؟ لا يهم. يمثلون الذين لا يزالون يؤمنون بديمومة لبنان الفني.

لكن العرض قائم وهو لا يخسر براعة هؤلاء الذين يحرّكون الدمى ولا خفة أيادي أولئك الذين يمارسون لعبة اخفاء الاشياء ثم اظهارها في غير امكنتها.

اللون الاحمر يعمي العيون. أنه الطاغي على كل شيء. كأننا في حضرة الكرادلة في الفاتيكان. ثنيات الملابس تذكّرنا بأيام غابرة. الأحذية معكوفة من الخلف كتلك التي كان ينتعلها أجدادنا في أرجلهم. البلاط الذي يزيّن الأرض يتوهج بانعكاسات اللون الاحمر على كل شيء. الأشخاص يروحون ويجيئون في كركة دائمة. يمثلون الدعوة الى التفرغ أو الى المشاركة. وإذا كانت بعض اللوحات تحمل العناوين المألوفة ههذا لا يعني انها اصبحت من تلك المشاهد التي نصادفها في كل لحظة من حولنا. ابراهيم سلوان يتلاعب بشخصياته وبنا في الوقت نفسه. انهم ونحن اجزاء من ملهاة تدّعي الدراما ولا تحاكي روح النكتة لدى العابرين. فالفنان يعرف جيدا" الى أين يجرّنا. يكوّن العالم بحسب مقاييس طفولية ساذجة، حيث للحلم وللتخييل دور مهم في الحلقة التي تدور داخلها الاحداث. ليس المهم ماذا يجري وكيف يتم التعاطي مع الحركة واللون والحالة، بل المهم هو الانضباط الذي يسيطر على التصرفات التي تدل على التراتبية في صفوف الممثلين حين يؤدون ادوارهم انطلاقا" من تعليمات وزّعت عليهم، يتقيدون بها ويبرعون. يصنعون المشهد ويتصرفون كأنهم عناصر منضبطة في فرقة مسرحية تجمع الهزل والمهارة الجسدية في الوقت نفسه. لا الوجوه معروفة ولا الملامح تدل على هويات وانتماءات ، انما ما يدور داخل الرقعة الجغرافية المربّعةوالصغيرة مشغول قصدا" لاعطاء الانطباع بأنه الحلبة حيث يتصارع المشاهير والكبار. المبتدأ والخبر. كل شيء يبدأ هنا. وكل شيء هنا ينتهي.

لور غريب