Articles

Art in the press

مارون بك عبود " أبو محمد" - المعرض العدد السابع عشر - أيلول - كانون الأول 1926

الدين فى القلب

"أبو محمد " الجديد ، والأستاذ هو نائب رئيس مدرسة الجامعة الوطنية فى عالية ومدرس المعانى والبيان فيها . ويطالع القارئ معارضة لقصيدته فى تحية ابنه ( محمد ) فى هذا العدد. وقد ارسل إلينا الاستاذ المنذر ( أبو صلاح ) الأبيات الآتيه تحية للاستاذ :

ابا محمد الأيام شاهدة     إن الذى قد فعلت اليوم مشكورا
خطوت خطوة مقدام لعل فتى     يلف لفك والمقدام مأثور
اصمى التعصب أهل الشرق حيث غدوا     يخشون اسماً وما للاسم تأثير
ليت الألى وضعوا الأديان كان لهم    نار تزيل دجى الأديان أو نور
الدين فى القلب والأعمال تثبته     لا القول والكتب والأسماء والدور

"أبو صلاح"

بين محمد ومارون
القصيدة البليغة التى تلى هى لصديقنا الشاعر " الدرزى" عبد الله افندى النجار ارسلها تحية جميلة إلى الاستاذ مارون بك عبود بمناسبة تسميته ابنه" محمد"

يا " ابا احمد" يا خير أب     حسب النابة فوق الحسب
عظة احسنت فى القائها     سبب ألف دون السبب
أمهل التاريخ فيها فغدا     - حين عادت - ليس بالمستغرب
آية خالفت فيها معشرا     مزجوا إعجابهم بالعجب
هزت الممعن فى غفلته     هزة المشفى على منقلب
وانتقى الله ليهدينا بها     من بنى مارون " مارونا" ابى
جرأ الفتيان فى عترته     ادباً. مرحى لذلك الأدب
علة الأقوام فى اسمائها     أنها لا شك أصل السبب
آدم مازال لولا هو- إذ"     علم الأسماء" لم يحتسب
وضع الطلسم فى أحرفها     واضع الأحرف منذ الحقب
فجرى السحر على أفواهنا     - مذ جرى – للشر أو للكذب
الرضا صمت جنان ضاحك     لا يهيج المرء مثل الغضب
كل "مارون" لمارون فتى     كل "نيقولا" حنيف المضرب
كل من سمى طه مسلم     ضلة كم افسدت فى يعرب
ارغموا كلا على مذهبه     وهو لايفقه معنى مذهب
يا صعاليك الورى ما خطبكم؟     عيل صبر الجاثم المرتقب
بدّلوا الممسوخمن منسكنا    ليس ألاعنفكم للغلب
لا يصيد النسر ان لم يحتفز     ويجوع الليث إن لم يثب
يا اخا " المنذر " فى أقدامه     مطلب البادئ صعب المركب
انت من ابنك اولى باسمه     فهو مازال ضعيف المنكب
والمجلى فى ميادين العلى     كان أولى سابق بالقصب
فاذكر" الشدياق"وانجب مثله     هذه الدنيا تراث المنجب
نحن باسم الدين بتنا شيعاً     فصلوا الأسباب باسم العرب

"عبد الله النجار"

محمد بن مارون

الأمثولة التى أعطاها صديقنا الاستاذ الشاعر مارون بك عبود المارونى ألقح لمواطنيه بتسميته ابنه الصغير محمداً يجب أن تكون خير أمثولة صالحة لأبناء هذا الوطن من مسيحيين ومسلمين.

أننا كنا وما برحنا نعتقد اعتقاداً راهناً أن الطريقة المثلى لإزالة أثر التعصّب من النفوس ذلك التعصّب الذى كان داؤنا العضال والذى أخذه الأجانب سلاحاً أبدياً ضدنا ، هى أن لانشعر عندما نتنادى بفوارق الأديان فى أسمائنا فيزول رويداً رويدا أثرذلك التعصّب من نفوسنا . كما يجب أن نتزاوج أيضاً بدون أن تقف أدياننا حواجز فى طريق هذا التقارب العائلى وبدون أن يوجد فرق وتمييز فى هذا التزاوج فتمتزج الأرواح وتترابط العائلات وينطبع فى الأولاد طابع الوطنية قبل طابع التعصب بدون أن يكون لهذه الأمور تأثير فعلى على دين الشخص نفسه.

وقد خطا الاستاذ / مارون عبود هذه الخطوة الجريئة فسمى ابنه محمداً بدون أن يغير من دينه . وحياه يوم اسماه بهذه القصيدة:

عشت يا ابنى! عشت يا خير صبى     ولدته امه فى رجب
فهتفنا واسمه "محمد"     ايها التاريخ لا تستغرب
خفف الدهشة واخشع أن رأ يت     ابن مارون سميا للنبى
فأمه ما وضعته مسلماً     أو مسيحياً ولكن عربى
والنبى القرشى المصطفى     آية الشرق وفخر العرب
يا ربوع الشرق أصغى واسمعى     وافهمى درساً عزيز المطلب
زرع الجهل اختلافاً بيننا     فاختلفنا باسمنا واللقب
شغلوا المشرق فى اديانه     فغدا عبدا لأهل المغرب
يا بنى اعتز باسم خالد     وتذكر – ان تعش – خير أب
جاء مالم يأته من قبله     مشرقى فى خوالى الحقب
فأنا خصم التقاليد التى     ألقت الشرق بشر الحرب
وغدا يا ولدى حين ترى     أثرى متبعاً تفخر بى
بك قد خالفت يا بنى أمتى     راجيا مطلع عصر ذهبى
عصر حرية شعب ناهض     وأخاء لبقايا يعرب
حبذا اليوم الذى يجمعنا     من ضفاف النيل حتى يثرب
ليته يدرك ما قاسيته     عندما سميته، من نصب
لأبى العيش وشاء الموت فى     وطن عن جده فى لعب
كم وكم قد قيل ما اكفره     سوف يصلى النار ذات اللهب
ان يشنع بابنه لا عجب     فهو غرُّ كافر لا مذهبى
لا تصدق قولهم يا ولدى     أن فيما قيل كل الكذب
إن حب الناس دينى وحياة     بلادى بإخاء مذهبى
وكتابى العدل ما بين الورى     فى بلاد هى ام الكتب
تخذوا الأديان معراج العلى     ومشوا من زهوهم فى موكب
شردو أحمد عن مضجعه     فسرى ليلته فى كرب
ودهو عيسى لما علمه     وهو لولا كيدهم لم يصلب
فإذا ما مت ياابنى فى غد    فاتبع خطوى تفز بالأرب
وعلى لحدى لا تندب وقل     آية تذرى بأغلى الخطب
عاش حراً عربياً صادقاً     وطواه اللحد حراً عربى

"مارون عبود"

مارون بن محمد

ما كاد عدد " المعرض " الأسبق يصل إلى الاستاذ الريحانى حتى هزته فكرة الشاعر مارون بك عبود لتسمية ابنه " محمد" فأرسل إليه الكاتب الآتى:

أخى مارون عبود،
اصافحك بيدى الحب والاعجاب ، وأهنئك بصبيك الجديد ، وأهنئه باسمه الأجد ، وبالقصيدة التى نظمتها له ولهذا الوطن الغنى بالأديان ، الفقير بين الأوطان .
أحسنت يا مارون أحسنت! وخير الأباء أنت !!
وحبذا فى المسلمين وفى الدروز ، وفى اليهود من يقتدون بك فيسمون أبناءهم بأسماء أبنائنا القديسين ، ونسمى أبنائنا بأسماء أبائهم الأولياء ، فينشأ فى هذه البلاد جيل جديد من الأخوان – الأخوان الحقيقيين – الذين لا يعرفون من أسمائهم أنهم لأحمد ، أو لموسى ، أو للمسيح ، بل لا يعرفون خارج المعابد أنهم مسيحيون أو مسلمون أو موسويون . أن المستقبل لهذا الجيل من الأخوان وفى مقدمهم محمد بن مارون بن عبود الثانى ، حرسه الله.

"أخوك أمين الريحانى"
الفريكة 11 ت 1926

المعرض – ويسرنا أن نعلن ايضاً أن فكرة الاستاذ مارون عبود صادفت ارتياحاً ورضى عند الجميع ، وبهذه المناسبة نلفت القراء إلى بعض غلطات جزئية ومطبعية وقعت فى القصيدة مثل
" اذا فأمه ما وضعته إلخ" خطأ وصوابها " فأمه ما وضعته إلخ"
"ومشوا فى زهوهم" خطأ وصوابها " ومشوا من زهوهم "
" فإذا ما متَّ" خطأ وصوابها" فاذا ما مت"
" اتخذوا الأديان" خطأ وصوابها " تخذوا إلخ"