Chibli Mallat

المحامي الدكتور هيام ملاط - باسم جدي شبلي

المحامي الدكتور هيام ملاط - باسم جدي شبلي...

أرادت هذه الجامعة، الشامخة المزدهرة بالعلم والثقافة، احياء تراث لبنان المتجذر في طيات تاريخه وفي قلوب أبنائه، لا للذكرى وحسب، بل لهداية الأجيال الصاعدة الى عظمة هذا التراث ومن خلاله الى ديمومة الوطن.

فشكرا  لرئيسها الدكتور جوزف جبرا الذي جعل من احياء التراث ميزة شهرية لهذا الصرح الجامعي، وللعزيز الأستاذ هنري زغيب الملتزم بالثقافة وجها  حضاريا  للبنان، وللسادة المحاضرين: معالي الأستاذ ادمون رزق، الأستاذ عبد اللطيف فاخوري، والدكتور سمير كبريت، جعلونا نشعر بأن رسوخ جذور لبنان وقدرته على تجاوز المحن والمصاعب تكمن في ثراء ذلك التراث الذي هو عماد مشروع ثقافي نطمح اليه، ومخزون ذاكرة جماعية ملتزمة بعظمة الفكر وقيم الحياة.

أما الحديث عن صاحب الذكرى والمناسبة، جدي شبلي ملاط، فهو لا ينضب، وأرجو أن أنهي قريبا  كتابة تاريخ قرن من الثقافة في لبنان وعالمنا العربي، يبرز فيه الشقيقان تامر وشبلي مع شعراء وأدباء ومثقفين وسياسي ذلك العصر الذي بزغ منه النور لشعوب هذه المنطقة العطشى الى الحرية والنمو والتقدم.

ان غياب الشعراء يختلف عن غياب الآخرين. فما حباهم الله من موهبة تلازمهم في حركة حياتهم المتجددة أبدا ، انما هي قيمة مضافة من الحب والعنفوان والشعور مع الآخرين، لولاها لكانت حركتنا في هذا العالم آلية  لا شيء يذكر فيها من مقومات الديمومة.

وهذه الأمسية التي خصصتها الجامعة، وأحياها الصديق الشاعر هنري زغيب والأعزاء المشاركون وكل واحد منكم، أتمناها انطلاقة نوعية متجذرة في الضمير ومكونات الثقافة، في سبيل مجابهة الفناء وابقاء التراث حيا ، مرددين مع جدي الذي قدر لي أن أعرفه وأعيش سنوات معه، وأسمع منه ما رغب أن يقوله عن لبنان واللبنانيين، في أي حال من أحوالهم:

وموطنكم فصافوه وكونوا له في يوم اقبال وصد 
أليس البحر يبقى وهو بحر على الحالين في جزر ومد؟ 
ولا تتعصبوا أبدا  لدين فكل تعصب يشقي ويردي 
لكل دينه، ولكل دين مصون كرامة تأبى التعدي

كان في حياته على لقاء دائم بأدباء العصر ومفكريه، وبعد غيابه أصبح شعره شهادة للتلاقي الوطني وللشأن الرفيع للثقافة والأدب الذي أراد.

ان في وجودكم معنا هذا المساء ما يلبي رغبة جدي طوال حياته.

فجزيل الشكر لكم، أردتم الليلة المشاركة في تكريم من رحل، وما ذلك الا أحياء لما رغب، وما به أوصى.