Yusuf Al Khal

من ديوانه – يوسف الخال الأعمال الشعرية الكاملة

الفجر الجديد

أنا كلُّ ما أَدّعي
حملتُ صليبي معي
أُملِّع يأسي وأخنق،
إمّا جرت، أَدمعي.
فلا الوهمُ في خاطري
ولا الليلُ في أضلعي .
واحيا غريباً وفوق
منال العلى مطمعي
كأنَّ الذرى موطِئي.
وجفن السنى مضجعي.

أنا يا نجوم اشهدي
ويا – يا ليالي اسمعي:
سأَخلق فجراً جديداً
إذا الفجر لم يطلَعِ
وأَبني غداً يدّعيه
الخلود متى يدَّعي .

لبنان

لبنان شانك أن تبالي،
جنحت خُطاك الى الضلالِ:
ما لي اراكَ تكاد، بعد اليوم،
تغرق في الرمال
وعلى جبينك ما يعيب المرءَ
من ذلِّ السؤال
لا الأرض ارضك، ما تشاء،
ولا الأساطير الخوالي.

جحدتْ بك الأبناءُ لا
أيد تُمَدُّ ولا مبالي
فكأَنما خلع الظلام
عليك أردية الوبال
ولأنت، قبل اليوم، مسرى
النُّور في درب الليالي
يأْوي إليك الخيرُ في
الدنيا، وتحضنك المعالي.
ولطالما لجأ الخلود
إليك يطمع بالوصال
فتجود، إِما ضنّ غيرك،
بالفريد من النَّوال:
فإذا البحار مراكبٌ
تجري وتهزأُ بالمجال
تبني الشطوط مدائناً
للفكر، بعدُ ، وللجلال
وتعلِّم الإغريق والدنيا
أساليب المقال.

ولدى الزمان مآثرٌ
لولاك لم تخطر ببال
فبدأت من طاليسَ عهد
الكون بالفكر الحلال
ومشى الإله على ترابك
ناصريّاً في التجالي:
وعدُ الخليقة بالفداءِ،
وبالخلاص ، وبالتَّعالي.

لبنانُ ، يا بلدي الحبيب
إذا عبدتك لا أُغالي
أملُ العروبة في يديك
وإن تجاهلتِ الموالي.
أتُرى يُعاد الأمس يومَ
وقفتَ في وجه الأوالي.

تحمي بقايا النوُّر في الشرق
الجريح من الزوال
وتظلُّ للأَحرار موئلهم
على مرِّ الليالي:
تبني حدودك حيثما
يقع الصباح على جمال.

لبنانُ، روحي عنك، يا
وطناً تفرّد بالمُحال
فلأنت أول يعربيّ
الوجه غربيّ الخصال
جمعت يداك رؤىً تموت
واقعاً حيَّ الفعال.
نفديك يا وطني، ونحمي
جانبَيك بالابتهال
ونحبُّ من يرتدّ، في
جهلٍ، عليك ومن يوالي:
فنواكب النُّعمى، ونهدي
الشاردين الى المآل.

هذه الأرض لي

هذ الأرض لي وهخذا الفضاءُ
ما تُرَاني ملكتُ ما لا أشاءُ:
ثروةٌ ، يا نعمّها، كم تفادى
وقضى في ادّخارها الآباءُ،
سمّروا كلَّ مطرحٍ بالضحايا،
والضحايا على المدى أحياءُ.
وأَرادوهُ أَن يظلَّ، فخاب
المجتوى دونه، وخاب العفاءُ
وتحدّى مواكباً كفَّن النورَ
لواها، وكلُّ فتحٍ لواءُ.

هذه الأرض لي، لدى كلِّ ظلٍّ
في حماها خميلة وسماءُ.
حفنةً من ترابها كانت الدنيا،
وكان الهدى،وكان الضياءُ:
ما لشرقٍ لولا شفاعة لبنانَ
خلاصٌ ولا لغربٍ فداءُ،
حضن النور وحده وتبنّى
من روت عن مجيئه الأنبياءُ.

هذه الأرض لي، دَرَجْتُ عليها
وعليها سيدرُجُ الأبناءُ:
ما أنا، إن هجرتها ، غير طيفٍ
انكرته، في وصفه، الأسماءُ
وسؤالٍ ضاع الجواب عليه،
مثلما ضاع في الدجى إيماءُ.
ربَّ يوم بهاٍعلى نكدِ العيش.
نعيمٌ أقلّ منه الرجاءُ.

هذه الأرضُ لي، وكانت شراعاً
وستبقى، فما لحقٍّ فناءُ:
تردُ النورَ حيثما يُرّد النور
سخياً فتشرق الصحراءُ.
وغداً ، شأْنها يعود، فتُعطى
إنما الحرُ شأْنُه الإعطاءُ:
فإذا كلُّ فكرة قبس منها،
و كل اختلاجةٍ إيحاءُ.
هذه الأرض لي، ومن كان مثلي،
هل له غيرها منىً ودعاءُ؟
أنا منها، وطالما هي منّي،
فلتكنْ ما أشاءُ لا ما يُشاءُ.

من ديوانه – يوسف الخال الأعمال الشعرية الكاملة – حقوق النقل و الترجمة و التمثيل محفوظة للمؤلف