Julia Boutros

أنا كتلة أحاسيس ولست مطربة ثورية

أنا كتلة أحاسيس ولست مطربة ثورية - الشبكة 17.8.1992

عندما سمعت عن الفنانة جوليا بطرس فوق ما أعرف ، كبرت هذه الجوليا في عيني. وعندما قرأت عن الاصداء المذهلة لحفلاتها في مهرجانات جرش، كبر بها قلبي. اما عندما تيقنت مما سمعت وشاهدت، كبر الشوق عندي للقاء جوليا والتحدث اليها. وقابلتها في بيتها الصيفي في بولونيا... وتحدثت اليها بحضور والديها وشقيقتها.

في دارها...شاهدت بواسطة الفيديو بعض المشاهد التي عرفتني اليها أكثر فأكثر...

لقطات من مهرجانات، "كليب" اغنيات... والاهم، مشاهد معبرة عن أصداء حفلاتها الرائعة في جرش...مدعومة بقصاصات من الصحف الاردنية وكلها تحكي. عن جوليا وحفلات جوليا... وتشيد.

هنا حضرني السؤال: ماذا يريد لبنان الزهو بعد ، أكثر من أن يكون عنده جوليا بطرس؟ 
ماذا يريد لبنان الفن بعد، أكثر من أن يكون عنده مطربة تذهب الى مهرجان دولي، مثل مهرجان جرش فتقلب المقاييس، وتهستر الناس، وترفع - هكذا يرفع - اسم لبنان عاليا ً؟

واما كيف؟ بأن يقول أحد مسؤولي المهرجان: بعد حفلات جوليا التي ما صار مثلها، تحول مهرجان جرش الى مهرجان جوليا!

وايضا ً... بأن يمدد لها لليلة ثالثة... وهذا ما لم يحدث في تاريخ المهرجان، ويستدعى لذلك فرقتان اضافيتان من الشرطة لضبط النظام.

وأيضا ً... لا. ما دمنا مع جوليا بالذات فلماذا نتحدث عنها ولا نحادثها لنعرف الحكاية من البداية؟

ونسأل جوليا: اخبرينا عن حفلاتك في جرش، كيف واجهت الجمهور الحاشد هناك؟

- فتجيب بهدوء. 
- للحقيقة؟ كنت قلقة بادىء الامر ومتوترة، كانت تنتابني الهواجس: كيف سينتهي لقائي مع الجمهور؟ كيف سيستقبلني؟ ما مدى اقباله على حفلاتي وتجاوبه مع اغنياتي الجديدة هو الذي لم يسمع ايا ً منها من قبل؟

دائما ً يصاحبك هذا القلق؟ 
- دائما ً...ولكن، كل مرة يصير أكبر من مرة كلما يزداد حجم العطاء عندي، تزداد المسؤولية ويكبر الهم.

وبعد أن واجهت الجمهور؟ 
- "الحكي مش مثل الشوفة كما يقال". بصراحة؟ لقد اذهلني مدى تجاوب الناس مع أغنياتي ومدى محبتهم لي واقبالهم على حفلاتي... حتى أن ادارة المهرجان فوجئت... بل ارتبكت للمفاجأة، ولم تستطع استيعاب ما يجري داخل المدرج وخارجه بفعل التدفق البشري.

ماذا جرى مثلا ً؟ 
- الناس الواقفون "برة" كانوا أكثر ممن كانوا في الداخل... ومنهم من كان يحمل بطاقات ولا يجد مكانا ً يجلس فيه. اضافة الى أن الكثير من التذاكر بيعت بالسوق السوداء...وخذ يا فوضى!

وكيف تمت معالجة كل هذه الاشكالات التنظيمية؟ 
- لقد استعانت ادارة المهرجان بفرقتين اضافيتين من الشرطة لضبط النظام. اما لجهة أرضاء الجميع، فقد عمدت الادارة الى طبع بطاقات جديدة بعد ان الحت علي بقبول التمديد لحفلة ثالثة لم تكن مقررة في برنامج المهرجان، فقبلت شاكرة...خاصة واني احببت الجمهور الاردني، المحب والمضياف، والذي زادني تجاوبه حماسة واندفاعا ً وعطاء.

ما هي قصة المدير المالي للمهرجان الذي أغمي عليه؟ 
- ربما لانه لم يستطع تحمل الجو الضاغط الناتج عن هذا الحشد الهائل فكان ما كان...

أو ربما بسبب ضغط الفلوس التي نزلت على المهرجان؟ 
تضحك جوليا...ولا تجيب

بعد عودتك بهذه الرفعة الفنية للبنان، كيف استقبلتك الدولة؟
- الدولة هنا؟ في لبنان؟

نعم. من استقبلك على المطار من قبلها؟ 
- ماحدا...

لا مندوب عن وزارة السياحة ولا عن وزارة الاعلام ولا...؟ 
- لا...لا. أبدا ً.... ما حدا حتى اننا وقفنا بالصف في المطار واخضعت حقائبنا للتفتيش مثلنا مثل غيرنا.

لو كنت عمرو دياب لفتحو لك صالون الشرف!! 
بعد أغنية "غابت شمس الحق" التصق الغناء النشيد بحنجرة جوليا بطرس مثل التصاق ضمير بوطن ...فانطلقت هكذا وانعرفت...حتى كاد البعض ان يسميها مطربة ثورية. 
ونسأل جوليا:

هل تعتبرين نفسك مطربة ثورية؟ 
- مطربة ثورية؟! لا... أنا افضل أن أكون مطربة شاملة كما هو الفن شامل، ولا أريد أن انحبس في هذه الخانة الضيقة.

الا تشددين في غنائك على معاناة الانسان؟ 
- طبعا ً...للآنني كتلة من الاحاسيس، لذلك تراني أغني الانسان في جميع حالاته ...حتى عندما "ينغرم" أيضا ً.

من يلتزم بفنه قضايا وطنية أو يغني الثورة والنضال، لا بد وأن يحمل قلبا ً قاسيا ً. فهل أنت كذلك؟ 
- بالعكس. بالعكس تماما ً...ما في أطرى من قلبي. أنا خويفة جدا ً، ودائما ً أسعى الى الاحتماء بغيري...البابا الماما أهلي، أريدهم الى جانبي على طول.

أي منظر يؤثر بك؟ 
- منظر انسان جائع ... منظر انسان يتعرض للاذلال وهتك الكرامة ولا يستطيع الدفاع عن نفسه.

وما الذي يفرح قلبك؟ 
(تضحك) وهل يوجد في هذه الايام ما يفرفح القلب؟

كونك فتاة شرقية، من الوارد جدا ً أن يقف فنك حائلا ً دون زواجك أو العكس بالعكس. فما هو مبداك حيال هذا الأمر؟ 
- أنا شخصيا ً أرى انه من الصعوبة أن أجد الشخص المناسب الذي يتقبل وضعي كفنانة أو يقدر ظروفي...مع العلم. انى لا أسهر، ولا أطيل السهر متى سهرت في عملي... واكرر، انه من الصعب على من يلتزم قضية بفنه، أو يكرس له حياته، ان يجد الامان والاستقرار مع شخص آخر.

وبناء على ذلك؟ 
- على الفنان ان يعرف كيف يختار...او الاحسن له. الا يختار بالمرة...

يبقى عازبا ً تعنين؟ 
- أي...أحسن، الا ترى ماذا ينتج كل يوم عن الزيجات غير المتكافئة بين الفنانين؟

جوليا بطرس، هل تقبلين بفنان زوجا ً لك؟
- فنان كيف يعني؟ 
فنان مثلك مثله، له حياته الفنية الخاصة كما لك حياتك الخاصة. 
وتضحك جوليا...وتجيب: - تصور ملا مصيبة. وولادنا وين بيخلقوا (تضحك بعد... وتعلق) له حياته الخاصة ولي حياتي...قال!!

ما هو سبب الجفاء بينك وبين وسائل الاعلام...واخصها الصحافة الفنية؟ 
- بصراحة، لا يوجد أي جفاء. ربما سبب الابتعاد كان اني كنت صغيرة وليس لنا كعائلة، علاقات فنية او اعلامية مع احد... ولم نسع مرة الى ذلك.

اما اليوم؟
- لقد بدأت اتحرر من الخجل شوي شوي... وبدأت أقيم علاقات صداقة اعلامية - واشدد هنا على الطابع العائلي للصداقات - مع كل من يحترم شخصي وفني، لأن الاعلام له أكبر تأثير على الفن والفنان وهو يمشي متوازيا ً معهما وخاصة في هذا العصر.

وأخيرا ً يا جوليا؟ 
- طبعا ً... كلمة شكر لكل وسائل الاعلام التي اعطتني حقي كاملا ً... وأخص منها، مجلة "الشبكة" العزيزة.

وأنا بدوري شكرت الفنانة جوليا بطرس. شكرتها على حسن استقبالها العائلي ثالثا ً... وعلى حديثها العفوي ثانيا ً...أما أولا ً...فكان شكري لها على كونها حملت لواء الفن البناني الحق، ضميرا ً وقضية وجمالا ً ، وجعلته ينبعث كوصايا الأنبياء في وجدان كل انسان عربي. هنيئا ً لك بالنجاح الباهر يا جوليا. وهنيئا ً لنا بك.