Emile Chahine

نقد سينمائي - آميل شاهين: موسوعة سينمائية وذاكرة تطور 

نقد سينمائي
آميل شاهين: موسوعة سينمائية وذاكرة تطور - 18 نوفمبر 2013
بيروت - الجزيرة نت الوثائقية

يمكن وصف آميل شاهين بموسوعة السينما العالمية المعتمدة على ذاكرة بشرية. وهو يكاد يؤكد، بتردد وتحفظ قليلين، أنه لم يترك فيلما سينمائيا عالميا إلا واطلع عليه، ويعرف حيثياته من المنتج إلى المخرج إلى الممثلين الأساسيين. 
من أولى المرات التي برز فيها شاهين، كانت في برنامج "المتفوقون" على تلفزيون لبنان 1980. لم تخنه ذاكرته طوال حلقات البرنامج الذي استمر لأكثر من سنة، ولم يفته سؤال لم يرد الإجابة الصحيحة له.
مؤخرا، برزت "مؤسسة آميل شاهين للسينما" وهي لم تزل في أول انطلاقها، ومن أولى إنجازاتها الفيلم الوثائقي "ريمون جبارة" الذي وثق للمخرج والمسرحي ريمون جبارة وعبره للمسرح الحديث في لبنان.
ليست مصادفة أن يحمل آميل شاهين كل تلك المواصفات، فهو فتح عينيه على السينما، وقد مضى نحو 15 عاما على عمل دار "الأمبير" التي أنشأها والده في طرابلس، حيث كانت العائلة تقيم وافدة من إحدى البلدات الريفية في عكار المجاورة وهي بلدة بيت ملات. والدار التي أسسها والده، وكانت مدرسته السينمائية الأولى حتى ريعان شبابه، لا تزال تعمل حتى اليوم رغم الصعوبات الأمنية التي مرت بالمدينة، العاصمة الثانية للبنان. 
ويروي شاهين أن والده شاد مبنى من عدة طبقات على ساحة التل الشهيرة في طرابلس أوائل الثلاثينات، وكان صيت النهوض السينمائي الوافد من العالم إلى لبنان يتصاعد، والاهتمام بالسينما يتنامى، فأنشأ والده في المبنى الجديد الذي شاده، صالة سينمائية شجعه عليها أشخاص اهتموا بالاستثمار السينمائي وهم من آل قطان وحداد الذين ملكوا عدة دور سينما (circuit) اسمها "أمبير".

يضيف شاهين: "لمس والدي أن الثلاثينات تحمل اهتماما بالسينما، وفيها مستقبل عمل جيد. وكانت تلك الفترة أول انتقال السينما من الصامت إلى الناطق. فأجر السينما، وعندما أبصرت النور، كان بيتنا في بناء يعلو الدار، وبقربه توجد صالة سينما أخرى هي سينما "دنيا" تعرض الأفلام العربية. ولأن التهوئة والتبريد لم يتوافرا في ذلك الحين -أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات- كانت إدارة السينما تفتح النوافذ، مما مكنني من أن أحضر الأفلام العربية عبر النافذة. ولأن والدي بنى سينما "أمبير"، أتيحت لي إمكانية الدخول مجانا لحضور الأفلام. لدى عودتي من المدرسة، أحضر إلى السينما فتفتح لي الأبواب”.

ويتابع: "لم يكن التلفزيون قد ظهر بعد، فتأمنت لي ظروف الاهتمام الواسع بالسينما. واكتشفت مع الوقت أنني أتمتع بذاكرة مرئية جيدة، ورغبة بالأشياء البصرية".
ولع شاهين بالسينما دفعه لتتبع المجلات التي تهتم بالمجال، ويقول: "أذكر أنني اكتشفت وأنا لم أزل صغير السن أن هناك مجلة تصدر بلبنان اسمها "سينما الشرق" (Cine d'Orient)، وصرت أشتريها واتابع بواستطها الأفيشات المنشورة، وصارت من هواياتي أن أجول على السينمات العديدة التي نشأت في طرابلس للإطلاع على الأفيشات الجديدة، وهكذا شعرت أن الأفيشات تنطبع بذاكرتي، وأحفظ منها أسماء الممثلين، والمخرجين، وعندما كنت أحضر الفيلم أكثر من مرة، إن الأفلام العربية في سينما دنيا او الأجنبية في الأمبير، صرت أشعر أنني أفهم الفيلم أكثر، وأكتشف جديدا عندما أحضر الفيلم عينه مرة بعد مرة”.
ويستنتج: "حيث لا أدري تكونت لدي مع الوقت القدرة على تحليل الأفلام، وتقويمها، وفهمها جيدا إن على خط السينما الأجنبية أم السينما العربية”.

سينما ناشطة ونواد

كانت السينما الملاذ الأساس للتسلية لأبناء الخمسينات والستينات، حيث انتشرت العديد من دور السينما، ولم يكن للشباب ما يلهون به في أوقات فراغهم سوى السينما، فمارس شاهين هوايته مع أترابه، ومع تطور الوقت نمت لديه ذاكرة ومذاق واهتمام سينمائي خاص ساهم بها وجود دارين قرب بيته. يتذكر شاهين أنه "عندما جاء فيلم "هيروشيما حبيبي" أو فيلم "لانوتي" لأنتونيوني، فقد تذوقت الفيلمين بينما اعتبر أصدقائي أنهما مضجران. وأعتقد أن كثرة ارتيادي لحضور الأفلام في جوار منزلي، علاوة على الأفلام الأخرى، أسس لدي حسا خاصا بالسينما، ولم يعد مذاقي السينمائي يقتصر على حب سينما الأكشن التي يميل الشباب إليها. ثم اهتممت بمجلات السينما مثل "مجلة السينما" (Revue de Cinema)، أو "دفتر السينما" (Cahier de Cinema)، و"السينما العالمية" (Cine Monde)، ومجلات أجنبية أخرى، ومع الوقت اكتشفت أنه خلال النقاشات على الأفلام مع زملائي، كانت آرائي متقاربة، وربما متطابقة مع ما يكتب من آراء حول الأفلام”.

مراكز ثقافية أجنبية

مع تقدم الوقت، وفي الستينات ومطلع السبعينات، تأسست في المدينة فروع لمراكز ثقافية أجنبية اهتمت بتقديم عروض سينمائية، ومنها المركز الثقافي الفرنسي والمركز الثقافي الألماني (غوته)، وغيرها، وعرضت أفلام 16 ملم، يتحدث شاهين عن تلك الفترة ذاكرا: "بدأت أفكر انطلاقا من ذلك، بتأسيس نواد سينمائية نعرض فيها الأفلام مع المهتمين ونناقش بها. بدأت بهذا النشاط في الستينات وأنا لم أزل في طرابلس، وقدمت "نادي السينما المستمر" في "نادي الجامعيين" بالاعتماد على افلام ال16 ملم التي كنا نحصل عليها من "المركز الثقافي الفرنسي" أو مثيله "الالماني”. وتطور التلحليل لدي مع تنامي الأنشطة في الأندية السينمائية. ووجدت أنني أتعمق بالأفلام وأحللها، والذاكرة المرئية لدي تجعلني أحفظ أسماء الممثلين ثم صرت أكتشف أن هناك ما هو وراء الفيلم، وهو المخرج، الذي يعطي الخلق الفكري والفني للفيلم. وصرت أتابع الأفلام من خلال المخرجين، وألاحق ذلك عبر الأفيشات، فتكون لدي حب معمق وتفصيلي للسينما. صرت أحضر وأشارك في أي ورش عمل أو تدريبات على التصوير المتحرك، وكذلك تابعت المدارس التي تثقف على السينما بالمراسلة، وعندما كان هناك ضرورة للسفر لحضور أفلام معينة، أو اشارك بمهرجانات، فلم أكن أتوانى عن ذلك”.

مجلات سينما

في تلك الأثناء، أسس أحد المخرجين المهاجرين اللبنانيين، وهو جورج شمشون في أميركا، مجلة فنية، وكان اسمها "فيلم" وصدرت بالعربية والفرنسية والانكليزية، وأنشأ مجلتين صدرتا في الوقت عينه، واحدة تنقد بالعربي، والثانية بالفرنسي والانكليزي، وطلب من هواة السينما من أصحابه الكتابة فيهما، وكان آميل شاهين أحد هؤلاء الكتبة. يقول عن ذلك: "تبين لي مع الوقت أنني أنقد جيدا لكن كانت لدي صعوبة بالكتابة والتعبير الجيد الذي يمكن بواسطته أن أوصل الفكرة بطريقة سليمة. كتبت الكثير، لكن بتعب وصعوبة، واشتركت أنا وأحد الزملاء- جورج كعدي- بالكتابة. كن اتفقت مع جورج على أن أعطيه الفكرة ويتولى هو صياغتها. أدركت أن هناك أشخاصا مؤهلين للشرح بالكلام وآخرون بواسطة الكتابة. غير أنني وصلت لمرحلة عرفت فيها أنني أملك اطلاعا واسعا على كل سينما العالم، فكنا نهتم بالسينما حيث أتت، شرقا وغربا، ولم أكن أوفر فيلما مهما كان مصدره أو لغته”. 
ويتابع: "حرمت من بعض الأفلام بسبب الرقابة، أو سوء التوزيع التجاري، لكن كنت على معرفة بها، وعندما كنت أسافر لسبب ما أسعى لحضورها. وآتي بالدليل عنها، وأحضر الأفلام التي كانت تنقصني في أي بلد كانت عبر الباص أو المترو أو الطيارة، لكن مع ظهور الفيديو والدي في دي، صرت أعرف أنه لم يعد هناك فيلم صعب العثور عليه. اليوم، أي فيلم نطلع عليه، نستطيع الحصول عليه بسهولة”. 
ولم يشأ التباهي بالإلمام بكل الأفلام المنتجة عالميا، ويقول ردا على سؤال: "لا لأن اهتمامي أصبح اختياريا مؤخرا. كانت الانتاجات السينمائية أكثر وضوحا، اليوم توسعت بطريقة لم يعد انسان قادر أن يحوط بها كلها. لكن الأكيد أن كل فيلم يحكى عنه، ويسمع به، أجرب أن أحصل على نسخة منه لحضوره”. 
انتقل شاهين إلى بيروت لمتابعة دراسته الجامعية أوائل السبعينات، بينما منعته ظروف عائلية من السفر، وانطلاقا من برنامج "المتفوقون" انفتحت أمامه أبواب المساهمة بثقافة سينمائية للتدريس بالجامعات والمعاهد. يعلق على تلك الفترة: "في تلك الفترة كانت حركة الجامعات تعيد إنطلاقتها لأن هناك من أسسوا الجامعات قالوا لي أن تدريس السينما قادر أن يكون من خلال الثقافة التي قومتها، فكانت المعلومات التي عرضت في المتفوقون حافزا لتدريس السينما في الجامعات”.

شاهين بين طلابه

ويتابع راويا تطورات حركته، فيقول: عندما تأسست معاهد السينما، كان لي دور أن أكون احد الأساتذة الأوائل بعدة جامعات لتدريس السينما، ولا أدعي أنني دخلت بالتكنيك السينمائي، بل تعليم تاريخ السينما وتحليل الأفلام، وكانت أول جامعة درست بها هي الجامعة اللبنانية، وكان أكثر الممثلين من الجيل الذي يظهر الآن على ساحة التمثيل والإبداع السينمائي والمسرحي والتلفزيون ، هم طلاب التقيت بهم في الجامعات، وتعاملت معهم، وساهمت بتوسيع ثقافتهم السينمائية بدءا من 1981 بمعهد الفنون. ثم دخلت إلى الألبا، ثم جامعة سيدة اللويزة، وكنت أتابع التدريس فيها كلها، مع متابعة التثقيف السينمائي في تلفزيون لبنان، ولاحقا بمحطة "أل بي سي"، وكنت اختار الأفلام فيها، وقدمنا برنامج نادي السينما، واخترت البرامج التثقيفية في ال "ال بي سي”. وكنت من الناس الذين آمنوا أن التلفزيون يجب أن يقدم ثقافة، وقبلت بالدخول إلى التلفزيون، حتى نعمل برامج ثقافية. وصلنا إلى مرحلة تكاد الثقافة الفنية تنعدم في التلفزيونات، فصرت أركز على العمل في الجامعات. أدعم طلابا يصنعون أفلامهم، ونشجع الأفلام اللبنانية الناجحة، ونؤمن مع زملاء آخرين دعم إنتاج وثائقيات عن السينما والفن”.

مؤسسة السينما

ويتحدث عن نشوء مؤسسة آميل شاهين: لم أرغب في إنشاء هذه المؤسسة منعا للتباهي باستخدام اسمي. لكن انطلقت المؤسسة كأمر واقع حيث تضافرت جهود عدة أشخاص اشتغلنا معا، ودعمتهم لكي يحبوا السينما، وهم فرضوا أن تقوم المؤسسة، ووجدت أن فيها المفيد بتقديم شيء للسينما. واختاروا زوجتي لتكون رئيسة المؤسسة نظرا لالتزامها، وسعة إطلاعها. شعرت أنني أعطيت بمحبة لتثقيف السينما، والآن ألاحظ أن هناك العديدين الذين يحبون ان يقدموا شيئا ما للمؤسسة، أو عبرها، دون الدخول في صيغة منتظمة وقوانين محددة”.
وعن اهتمامات المؤسسة وانتاجاتها، قال: تهتم المؤسسة بنادي السينما المستمر كل نهار اثنين في جامعة سيدة اللويزة، وفيه التجمع الأكبر في المؤسسة وهم ركيزة هذه الحركة. فنحن نلتقي تلقائيا كل اثنين، ونتناقش بما يجب عمله وتطويره، وضمن عمل المؤسسة انتجنا فيلم "ريمون جبارة" ومخرجه نصري براكس هو أحد أركان هذه المؤسسة، ويساهم بحضور لقاء الاثنين، وقد ساعدنا براكس على انتاج الفيلم ونحن نفتخر جدا به. وهناك فيلم ثان سيصدر من أعضاء من المؤسسة وهو فيلم "وينن"، كتب جورج خباز السكريبت، وقدمه، مع العلم أنه نائب الرئيس في المؤسسة، وتقاسم السكريبت سبعة طلاب من الأنجح في الجامعة، والفكرة كانت عن الناس المفقودين في الحرب".

"دخان بلا نار" مجدداً تحت المجهر October 25, 2016

ما تقوم به مؤسسة اميل شاهين (cine Club) عمل مهم يصب في خانة نشر الثقافة السينمائية، وينمي خيال وعمق التحليل المنطقي والاكاديمي السليم لطلاب الاخراج والتمثيل والسناريو والنقد.

والاهم أنها تضع الافلام اللبنانية ذات العمق الثقافي في متناول طلاب السمعي – البصري مع أرباب العمل للمناقشة وتحليل الكتابة السينمائية والرؤية الاخراجية للعمل.

ومن بين الافلام التي عرضت مؤخراً للمناقشة فيلم “دخان بلا نار” للمخرج وكاتب العمل سمير حبشي.

بحضور حبشي وبعض المشاركين في العمل، ميلاد طوق مدير الاضاءة وجورج كعدي وديامان بو عبود وعدد كبير من المهتمين والصحافيين وطلاب الاختصاص، نوقش الفيلم الذي قال عنه صاحبه أي حبشي أنه فيلم “صعب” الأمر الذي أكد عليه الناقد السينمائي اميل شاهين الذي أحب هذا الفيلم واعتبر ان السينما في لبنان بدأت معه، ومدير كلية الفنون الجميلة الدكتور رجا سمراني الذي أعجب بجمالية مشهد الولادة والموت والربط بين المشهدين ضمن عشيرة، تحولت الى ارهابية عندما فقدت ولدها.

ما أراد قوله أو الرسالة التي أراد حبشي ايصالها من خلال هذا الفيلم، هو أن القمع يولد الارهاب في أي بيئةٍ كانت ومن أي طائفة وفي أي بلد. فالارهاب ليس له هوية او انتماء انما القمع هو الذي يولده في أي مجتمعٍ كان حتى لو كان القمع آتٍ من دولة ٍ عظمى.

فيلم “دخان بلا نار” اعتبر من الافلام التي ظلمت في السوق التجاري، علماً أنه فيلم يستحق التوقف عنده، كما يصلح لاخراج منه 3 أفلام توثيقية كما قال د. سمراني طالباً من حبشي عرض هذه الفكرة على طلابه.

“السيارات دائماً تلعب دور البطولة في أعمال حبشي” هكذا رأى الناقد اميل شاهين. ويؤكد عليه سمير قائلاً:” نعم فأنا أهوى “الاكشن” الحركة وهذا يخدم فكرة العمل.”

يتحدث الفيلم عن مخرج مصري لعب دوره الممثل المصري خالد النبوي، أراد أن يصوّر فيلماً عن القمع في العالم العربي، وقد اختارمدينة بيروت كونها العاصمة التي تتمتع بهامشٍ من الحرية، الا أنه يصطدم بالواقع فيقع ضحية قمع من نوعٍ آخر حيث أجهزة المخابرات ” فترة الوجود السوري في لبنان” كانت منتشرة في تلك المرحلة في كل شارعٍ وزاوية.

“دخان بلا نار” نجد فيه مزيجاً من الخيال الذي سرعان ما يصبح واقعاً، وفي ذلك يقول حبشي:” السينما حقيقة أحياناً أخاف عندما أكتب يتحقق ذلك، وقد غيّرت في السيناريو خشية تحقيق ما أنا بصدد كتابته. فمثلاً البطل في فيلم “الاعصار” كان من المفروض ان يموت الا أنني أعدت احياءه.”

يضيف: في الفيلم خطان منفصلان لا علاقة لهما ببعض، الخط الاول هو، وجود أكبر دولة لها قوانينها وحضارتها وعشيرة لها عاداتها وتقاليدها وهي لا تتنازل عن معتقداتها: يتواجهان.

والخط الثاني، مخرج مسكين أراد أن ينفذ فيلماً عن القمع، الموكب الاميركي يكون القاسم المشترك. مواطن يقتل في حضور المخرج في المكان نفسه، فيقع الالتباس.

ويقول ايضاً “زعلت على رودني لم أشأ أن يظهر في النهاية خائناً “يا ريت طلع بطل” لكن هذا الواقع القاسي كان حال البعض الذين تعاملوا مع المخابرات في تلك الفترة.

بالنسبة لموقف العشيرة التي أراد أن يدونها حبشي في هذا العمل قال:” هؤلاء لا يهابون لا أميركا ولا أي دولة هكذا يحلون مشاكلهم، الشاب الذي قتل هو مواطن له كرامته وهذه التقاليد يهمني أن أسجلها في السينما لانها خالدة فنحن نموت لكن السينما تبقى خالدة. ممازحاً :” انتبهو ما حدا يغلط معنا نحنا هيك منحل مشاكلنا…” يضحك.

ثم يضيف: هناك شيء من الايمان، عندما ندخل في الواقع نخاف أن يحصل، السينما تشبه الحقيقة، هناك ناس “خوتان” يؤمنون بذلك. في الاعصار اول فيلم نفذته خفت أن يموت البطل عدت وعيشته في الفيلم. لا تستهونوا السينما.”

أما بالنسبة لاعطاء دور البطولة للممثل المصري خالد النبوي لا يعتبره حبشي تنازلاً انما حصل ذلك بالتوافق مع الانتاج المصري الذي طلب اعطاء الشخصية الرئيسية لخالد النبوي وذلك لتأمين توزيعه في العالم العربي، لان السيناريو كان مكتوباً على أن تكون هذه الشخصية لمخرج لبناني، فكان من السهل تحويل هذا الدور الى شخصية مصرية. من الناحية البسيكو- سوسيولوجية لم يجد صعوبة في ذلك.

حبشي لم يكن حريصاً فقط على السيناريو والاخراج انما لموسيقى الفيلم ايضاً أهمية كبيرة التي كانت ملائمة للاحداث. اذ كان يلتقي الملحن جمال ابو الحسن على مدى 3 أشهر ، طالباً منه ادخال موسيقى التراث اللبناني.

أما عن عنصر المرأة التي لها مكانة خاصة في اعمال حبشي قال عن المشهد الرومانسي الذي جمع الممثلة سيرين عبد النور مع خالد النبوي: “حين كان يعرض في مهرجان أبو دبي، سمعت احدى السيدات تقول لصديقتها “يا ريت جوزي يشوف حتى يعرف كيف يبوس.” يضحك.

ثم تخلل النقاش اسئلة للمخرج عن أعماله التلفزيونية ومداخلات ونقاشات مع الحاضرين.

فقال مدافعاً عن مواظبته للاعمال التلفزيونية: عندما أعمل فيلماً سينمائياً أفكر بالجمهور الذي اتوجه اليه، لأن مشاهدي السينما يختلفون عن التلفزيون، ففي السنما نعمل على التفاصيل، في حين المسلسل التلفزيوني مكون من حوارٍ طويل البعض يتابعه اما من المطبخ … أو حتى قد يغيب المشاهد عن مشاهدة حلقتين او ثلاث ثم يتابع ويفهم القصة لذا، نأخذ هذا الامر بعين الاعتبار.

خاصة في لبنان، كنت في البداية رافضاً العمل في التلفزيون، كنا مجموعة من الزملاء المخرجين نلتقي في ال “Babylon” نكتب سيناريو، بالصدفة اتصل بي مروان نجار ليقول لي: لنعمل مسلسلاً من 15 حلقة، فقلت لم لا، وعملت بعد ذلك فيلم “مشوار” ثم مسلسل آخر ، وعدت الى “بابيلون” رأيتهم لا يزالون يكتبون عندها قلت لأ، وذلك لانه لا يوجد في لبنان شركات انتاح تنتج فيلماً سينمائياً 4ملايين نسمة لن يعملوا سينما ، لا يوجد الا للافلام التجارية بميزانية 70000 دولار او 100000 دولار السينما الجدية في كل العالم غير متوفرة.

وختم اللقاء الحواري بجملةٍ قالها سمير حبشي لاميل شاهين:” لما رجعت من روسيا كنت امي وبيي بعدك ام وبي.”

يذكر أن الفيلم هو من بطولة: خالد النبوي، رودني الحداد، ديامان بو عبود، سيرين عبد النور، نقولا دانيال، جوزف بو نصار، رفعت طربيه .