poets-writers

Ahmed Shawqi

poet and writer

هو احمد بن علي شوقي، معروف بأمير الشعراء.

ولد في القاهرة سنة 1868 وترعرع في ظلّ البيت المالك، لأن جدتّه لأمّه كانت من وصيفات القصر في عهد الخديوي اسماعيل.

تلقّى علومه الأولى في مكتب الشيخ صالح، تُمَّ انتقل إلى مدرسة(المبتديان) وبعدها إلى المدرسة التجهيزية . تخرّج بعد ذلك من مدرسة الحقوق، ونال شهادته من فرع الترجمة الذي أسّس فيها.
أعطاه الخديوي منحة دراسيّة ليتابع دروس الحقوق في فرنسا. فتوجّه الى مونبوليه حيث التحق بجامعتها لمدّة سنتين، ثم اكمل دراسة الحقوق في باريس لمدّة سنتين أخريين. ظلّ يرسل من باريس قصائد المديح في المناسبات للجناب العالي.

عاد الى مصر سنة 1892 ودخل في معيّة الخديوي عبّاس حلمي، وانقطع اليه والى نظم الشعر ونال حظوة كبيرة.

في سنة 1914، وبعد أن خلعت انكلترا الخديوي عبّاس حلمي بسبب ميله الى الأتراك المتحالفين مع ألمانيا، طلبت الى شوقي ، شاعره ، ان يترك مصر وأن يختار منفاه، فاختار اسبانيا وسافر اليها سنة 1915.
بعد انتهاء الحرب عاد شوقي الى وطنه في أواخر سنة 1919 فوجد وجه مصر قد تغيّر ، فسارع الى التكيّف مع الوضع الجديد، فتوجّه في شعره نحو الشعب وقضاياه، فبايعه الشعراء العرب امارة الشعر سنة 1927 في أثناء حفلة تكريميّة برعاية الحكومة المصريّة.

عرف عنه أنّه كان ضيّق الصدر بالنقد.

توفّي شوقي سنة 1932.

له ديوان عنوانه «الشوقيات» يقع في أربعة أجزاء ويتضمن سيرته ومجمل شعره. وله مسرحيّات ستّ: هي: مصرع كيلوبترا – مجنون ليلى- قمبيز- علي بك الكبير- أميرة الأندلس- عنترة وهي من المآسي . كما ألّف ملهاة واحدة هي «ألستّ هدى».

زَحْلَة

شَيَّعْتُ أحلامي بِقَلْبٍ باكِ ولَمَمْتُ من طُرُقِ المِلاحِ شِباكي
وَرَجَعتُ أَدْراجَ الشَبابِ وَوَرْدَهُ أَمشي مَكانَهُما عَلى الأشواكِ
وَبِجانِبي وَاهٍ كَأَنَّ خُفوقَهُ لَمَّا تَلَفّتَ جَهْشَةُ المُتَباكي
شاكي السِّلاحِ إذا خَلا بِضُلوعِهِ فإذا أُهِيْبَ بِهِ فَلَيْسَ بِشاكِ ...
لَمْ تَبْقَ مِنَّا يا فُؤادُ بَقيَّةٌ لِفُتُوَّةٍ أو فَضْلَهٌ لِعِراكِ
كُنَّا إذا صَفَّقْتَ، نَسْتَبِقُ الهوّى وَنَشُدُ شدَّ العُصبَةِ الفُتَّاكِ
واليومَ تَبعَثُ فِيّ حيْنَ تَهُزُّني ما يَبْعَثُ الناقوس في النُسَّاكِ
يا جارَةَ الوادي طَرِبتُ وعَادَنيْ ما يُشْبِهُ الأحلامَ مِنْ ذِكْراكِ
مَثَّلْتُ في الذكرى هَواكِ وَفي الكَرى والذِّكرياتُ صَدى السِنيْنَ الحاكي
ولَقَدْ مَرَرْتُ عَلى الرياضِ بِرَبْوةٍ غَنّاءَ كُنتُ حِيالَها ألقاكِ
ضَحِكَتْ إليًّ وُجوهُها وَعيونُها وَوَجّدتُ في أنفاسِها رَيّاكِ
لَمْ أَدرِ ما طِيْبُ العِناقِ عَلى الهَوى حتَّى تَرَفَّقَ ساعِدي فَطَواكِ
وتأَوَّدَتْ أعْطافُ بانِكِ في يّدي واحمًرَّ مِنْ خَفَريهِما خَدَّاكِ
وَدَخَلْتُ في لَيلَينِ فَرْعَكِ والدُجى ولَثَمْتُ كَالصُبْحِ المُنَوَّر فاكِ ...
وتَعَطَّلَتْ لُغَةُ الكَلامِ وخاطَبَتْ عينيَّ في لُغَةِ الهَوى عَيْناكِ ...
لا أَمْسِ مِنْ عُمْرِ الزمانِ ولا غَدٌ جُمِعَ الزَمَانُ فَكانَ يَوْمَ رِضاكِ .

الشوقيات: أحمد شوقي

أيها العمَّال

أيّها العمالُ، أفنوا ال عمر كداًّ واكتساباً
واعمروا الأرضَ، فلولا سعيُكم امست يَبابا
إن لي نصحاً إليكم إن اذِنْتُم وعِتابـا
في زمان غَبِىَ النا صحُ فيه، أو تغابــى
أين انتم من جدود خلدوا هذا الترابا؟
قَلَّدوه الأثرَ المُعـ جِزَ ، والفنَّ العُجابــا
وكَسَوْهُ أبدَ الدهـ رَ من الفخر ثيابــا
أتقَنوا الصنعَةَ، حتى أخذوا الخُلدَ اغتصابا
إن للمتقِن عند الله والناسِ ثوابـا
أتقِنُوا، يُحْبِبْكُمُ الل هُ ويرفعْكم جنابـا
أرضيتم أن تُرى (مص رُ ) من الفن خرابـا؟
بعد ما كانت سماءًَ للصناعاتِ وغابا

* * *

أيها الجمعُ لقد صر تَ من المجلس قابــا
فكن الحُّرّ أختياراً وكن الحُرَّ انتخابـا
إن للقوم لعيْناً ليس تَأُلوكَ ارتقابـا
فتوقع أن يقولوا : مَنْ عن العمالِ نابا؟
ليس بالأمر جديراً كلُّ مَنْ القى خطابا
أو سخا بالمال، أو قدّ م جاهــاً وانتسابا
أو رأى أُمَّيَّةً، فاخ تلب الجهلَ اختلابا
فتخيَّرْ من كلَّ من شبَّ على الصدق وشابا
واذكرِ الأنصَارَ بالأم س ، ولا تَنْسَ الصِّحابـا
أيها الغادون كالنح لِ ارتيــاداً وطلابـا
في بكور الطير للرز قِ مجيئــاً وذهابــا
أطلبوا الحقّ برفق واجعلوا الواجبَ دابا
واستقيموا بفتحِ الله لكم باباً فبابــا
اهجروا الخمر تطيعوا اللهََ أو تُرضوا الكتابـا
إنها رجس، فطوبَى لأمرىءٍ كف وتابا
تُرعِشُ الأيدي، ومن ير عش من الصناعِ خابا
إنما العاقلُ من يَج علُ للدهر حسابــا
فاذكروا يومَ مَشيبٍ فيه تَبكون الشبابـا
إن للسنّ لَهمَّا حين تعلو وعذابــا
فاجعلوا من مالكم للشيب والضعف نِصابا
واذكروا في الصحة الدا ءَ إذ ما السُّقمُ نابــا
واجمعوا المال ليومٍ فيه تَلْقَون اغتصابا
قد دعاكم ذنبَ الهي ئةِ داع فأصابـــا
هي طاووسٌ ، وهل أح سنُه إلا الذُنابَـــى؟

المطرية تتكلّم

يا ناشرَ العلم بهذى البلادْ وُفِّقتَ، نشرُ العلم مثلُ الجهاد
بانىَ صَرْحِ المجدِ، أنتَ الذي تبنى بيوتَ العلم في كل ناد
بالعلم ساد الناسُ في عصرهم واخترقوا السبعَ الطِّباقَ الشَّداد
أيطلب المجدَ ويبغى العلا قومٌ لسوقِ العلم فيهم كساد؟
نَقَّادُ أعمالك مُغْلٍ لها إذا غلا الدرُّ غلا الانتقاد
ما اصعبَ الفعلَ لمن رامه وأسهلَ القولَ علىمن أراد
سمعاً لشكواى، فإن لم تجد منك قبولاً، فالشكوى تُعاد
عدلاً على ما كان من فضلكم فالفضلُ إن وُزِّع بالعدلِ زاد
أسمعُ احياناً ، وحيناً أَرى مدرسةً في كلِّ حىّ تُشاد
قّدَّمْتَ قبلى مدناً أو قُرى كنتُ أنا السيفَ، وكنّ النِجاد
انا التى كنت سريراً لمن ساد (كإدّورْدَ) زماناً وشاد
قد وحّد الخالقَ في هيكلٍ من قبل سقراطَ ومن قبل عاد
وهذب الهندُ دياناتِهم بكل خافٍ من رموزى وباد
ومن تلاميذى موسى الذي أُوحِى مِنْ بعدُ إليه فهاد
وأرضعَ الحكمةَ عيسى الهدى ايامَ تُربِى مهدُّه والوساد
مدرستى كانت حياضَ النُّهى قرارةَ العرفان، دارَ الرشاد
مشايخُ اليونان يأْتونها يُلقون في العلم إليها القِياد
كنا نُسميهم بصِبيانه وصِبيتى بالشيب أَهل السداد

* * *

ذلك أمسِى ، ما به ريبةٌ ويومىَ ( القبةُ) ذات العِماد
أصبحتُ كالفردوسِ في ظلها من مِصرَ للخنكا لِظِلى امتداد
لولا جُلى زيتونى النَّضْرِ، ما أَقسمَ بالزيتونِ ربُّ العباد
الواحةُ الزَّهراء ذات الغنى تُربِى التي ما مثلها في البلاد
تُريكَ بالصبح وجُنحِ الدُّجى بدورَ حسنُ، وشموسَ اتقاد

* * *

بَنِىَّ – يا سعدُ- كزُغْبِ القَطا لا نقَّص اللهُ لهم من عِداد
إن فاتكَ النسلُ فأَكْرِمْ بهم ورُبَّ نَسلِ بالندى يُستفاد
أخشى عليهم من أَذًى رائحٍ يجمعهم في الفجر والعصر غاد
صفِيرُهُ يَسلُبنى راحتى ويمنعُ الجفنَ لذيذَ الرقاد
يعقوبُ من ذئب بكى مُشفِقاً فكيفَ انيابُ الحديد الحِداد؟
فانظرْ – رعاك اللهُ – في حاجهم فنظرةٌ منكَ تُنيلُ المراد
قد بسطوا الكفَّ على أَنهم في كرم الراح كصوْب العِهاد
إن طُلب ( القسط) فما منهمُ إلا جوادٌ عن أبيه الجواد

لُبْنَـــان

السَّحْرُ من سُود العيونِ لقِيتُهُ والبابِليُّ بلحظهنّ سُقِيتُهُ
الفاتراتِ وما فَتَرْنَ رمايةً بمُسَدَّدٍ بينَ الضلوع مَبيتُه
الناعساتِ الموقظاتى للهوى المُغْرياتِ به وكنتُ سَلِبته
القاتلاتِ بعابثٍ في جَفنه ثمل الغِرار معَرْبد إصْليته
الشارعاتِ الهُدْبَ امثالَ القنا يُحيى الطَّعينَ بنظرة ويُميته
الناسجاتِ على سواء سطورِه سَقماً على منوالهن كُسِيته 

* * *

وأغنَّ أكحلَ من مَها(بكْفيّة) علِقت محاجرُه دمى وعَلِقته
لُبنانُ دارتَُه وفيه كِناسُه بين القنا الخطَّار خُط نحَيته
السلسبيلُ من الجداول ورْدُه والآسُ من خُضْرِ الخمائل قوتُه
إن قلتُ تمثال الجمال مُنَصّبا قال الجمال براحتىَّ مَثلْته
دخل الكنيسةَ فارتقبْتُ فلم يُطِل فأتيت دون طريقِه فزحمته
فازْور غضباناً وأعرض نافِراً حالٌ من الغِيد الملاح عرفتُه
فصرفتُ تلْعَابى إلى اترابه وزَعمتهن لُبانتى فاغرتُه
فمشى إليّ وليس أوّلَ جؤْذَرٍ وقعت عليه حبائلى فقنصته
قد جاءَ من سحر الجفون فصادّني وأتيتُ من سحر البيان فصدْته
لما ظفرتُ به على حَرَم الهُدَى لأبن البتول وللصلاة وهبته
قالت ترى نجمَ البيان فقلت بل اُفق البيان بارضكم يممته
بلغ السُّها بشموسه وبدوُره لبنان وانتظم المشارق صيته
من كلّ عالى القدر من أعلامه تتهلل الفصحى إذا سميته
حامى الحقيقة،لا القديم يئوده حفظاً ولا طلبُ الجديد يفوته
وعلى المشيد الفخمِ من آثاره خلُق يبين جلالُه وثبوته
في كلِّ رابيةٍ وكل قرارة تبْرُ القرائح في التراب لمحته
اقبلتُ أبكى العلم حول رسومهم ثم انثنيت إلى البيان بكيته
لبنانُ والخُلد، اختراع الله لم يُسَم بأزينَ منهما ملكوته
هو ذِرْوة في الحسن غير مَرُومة وذَرا البراعة والحجى ( بَيروته)
مَلِكُ الهضابِ الشمِّ سلطانُ الرُّبى هامُ السحاب عروشُه وتُخوته
سيناءُ شاطَره الجلالَ فلا يُرى إلاّ له سُبُحاته وسُموته
والأبلقُ الفردُ انتهت اوصافهُ في الُّسؤْدد العالى له ونعوته
جبل عن آذار يُزْرى صيفُه وشتاؤه يَئِد القرى جبروته
ابهى من الوَشْى الكريم مروجُه وأَلذُّ من عَطلِ النُّحور مُروتُه
يغْشى روّابيَه على كافورها مِسك الوهادِ فَتيقُه وفَتيِتُه
وكأن أيامَ الشباب ربوعُه وكأن أحلامَ الكعاب بيوتُه
وكأن رْيعانَ الصِّبا ريْحانُه سِر السرور يَجودهُ ويقوتُه
وكأن أثداءَ النواهد تِينُه وكأن اقراط الولائد توته
وكأن هَمس القاع في اذن الصفا صوتُ العتابِ ظهوره وخفُوته
وكأن ماءَهما وجَرْسَ لُجَينه وَضحُ العروس تبينه وتصيتُه

* * *

زعماء لُبنان وأهلَ نَدِيّه لبنانُ في ناديكمو عظمتُه
قد زادني إقبالُكم وقبولُكم شَرفاً علىالشرف الذي أوليته
تاجُ النيابة في رفيع رءُوسكم لم يُشْر لؤلؤه ولا ياقوتثه
(موسى) عدوُّ الرِّقِّ حولَ لوائكم لا الظُّلمُ يرْهِبه، ولا طاغوتثه
أنتم وصاحبكم إذا اصبحتمو كالشهرِ أكملَ عدَّة موقوتثه
هو غرَّةُ الأيامِ فيه، وكلكم آحادُه في فضلها وسُبوته.

الهلال والصليب الأحمران

( جبريل)، أنت هدى السما ءِ وأنت برهانُ العِنايه
أُبْسُطْ جَنَاحَيْكَ الذيْ ن هما الطهارةُ والهدايه
وزِد (الهلالَ) من الكرا مةِ ، وال (الصليبَ) من الرعايه
فهما لربِّك رايةٌ والحربُ للشيطان رايه
لم يخلق الرحمن أَك بر منهما في البِرِّ آيه
الأحمران عن الدم ال غالى وحرمتِه كنايه
الغادِيان لنجدةٍ الرائحان الى وقايه
يتأَلَّقان على الوَغى رشداً تَبَيَّن من غوايه
يقفان في جنب الدَّما كالعُذْرِ في جنب الجنايه
لو خَيَّما في (كربلا) لم يُمْنع ( السَّبطُ) السّقايه
أو ادركا يوم المسي ح لعاوناه على النكايه
ولناولاهُ الشهدَ، لا ال خل الذي تصِفُ الروايه
يأبها ( اللادى) التي ألقت على الجرحَى حِمايه
أَبلَيْتِ في نزع السها م بلاءَ دَهْركِ في الرمايه
ومررتِ بالأسرى، فكن تِ نسيمَ واديهم سِرايه
وبناتُ جنسكِ إن بَنَيْ نَ البِرَّ أَحْسَنَّ البنايه
بالأمس لادى ( لوثرٍ) لم تأْلُ جِيرتَها عنايه
أَسْدَتْ إلى أهل الجنو د يداً ، وغالت في الحفايه
ومُحجَّباتٍ هنّ أط هرُ عند نائبةٍ كفايه
يسْعِفن رِيَّا أو قِرًى كنساءِ طَى في البدايه
إن لم يكنَّ ملائكَ الر حمن كُنَّ هُمُ حِكايه
لَبّيْنَ دعوتَكَ الكري مةَ ، واستبقن البرَّ غايه
المحسنون همُ اللبا، بُ ، وسائرُ الناسِ النفايه
يا أيها الباغون، ركا ب الجهالة والعَمايه
الباعثونَ الحربَ حُبّاً للتوسُّع في الولايه
المدَّعون على الورى حقَّ القيامةِ والوصايه
المثكِلون، الموتِمو ن، الهادِمون بلا نهايه
كلُّ الجِراح لها التئا م من عزاءٍ أو نِسايه
إلاَّ جراح الحقِ في عصر الحصافة والدرايه
ستظلُّ داميةً الى يوم الخصومة والشكايه.

تعزية ورثاء

كأْسٌ مِن الدنيا تُدارْ مَنْ ذاقها خَلع العِذارْ
الليلُ قوَّامٌ بها فإذا وَنَى قام النهار
وحَبا بها الأعمارَ، لم تدُم الطِّوالُ، ولا القِصار
شَرِبَ الصبيُّ بها، ولم يخل المُعَمَّرُ مِن خُمار
وحَسا الكرامُ سُلافَهَا وتناول الهَمَلُ العُقار
وأَصاب منها ذو الهوى ما قد أصاب أَخو الوقار
ولقد تميلُ على الجما د ، وتصرَع الفلَكَ المُدار
كأسُ المنيّةِ في يدٍ عَسراءً، ما منها فِرار
تجرى اليمينَ، فَمَنْ تولّي يَسْرَةً جَرَت اليَسار
أوْدَى الجرىءُ إذا جرى والمستميتُ إذا أَغار
ليثُ المعامعِ ، والوقا ئع ، والمواقِع، والحِصار
وبقيّةُ الزُّمَرِ التي كانت تَذود عن الذِّمار
جندُ الخلافةِ، عَسكرُالس لطانِ حاميةُ الديار
ضاقت (كريدُ) جبالُها بك يا (خلوصى) والقِفار
أيّامُكم فيها – وإن طال المدى – ذاتُ اشْتِهار
عَلِمَ العدوُّ بأَنكم أنتم لِمعْصمِها سِوار
أحْدَقْتُمُ بمقرِّه فتركتموه بلا قرار
حتى اهتدى مَنْ كان ض لَّ ، وثاب من قد كان ثار
واعْتزَّ ركنٌ للولا ية كان مُنقضَّى الجِدار

* * *

عِشْ للعُلا والمجدِ – يا خيرَ البنين – ولِلفخار
ابكى لدمعك جارياً ولدمع إخوتِكَ الصِّغار
وأوّدُّ اَنكُمُ رجا لٌ مثل والدِكم كِبار
وأريد بيتَكُمُ عما را ، لا يُحاكيه عمَار
لا تخرجُ النَّعماءُ من ه ، ولا يُزايِلُه اليَسار

الصحافة

لكلِّ زمانٍ مضى آيةٌ وآيةُ هذا الزمانِ الصُّحُف
لسانُ البلادِ، ونبضُ العباد وكهفُ الحقوق وحربُ الجنَف
تسيرُ مسيرَ الضحى في البلاد إذا العلمُ مزَّق فيها السَّدف
وتمشى تُعلِّمُ في أُمةٍ كثيرةِ مَنْ لا يخُطُّ الألِف !
فيا فتيةَ الصحْف، صبراً إذا نبا الرزقُ فيها بكم واختلف
فإنُ السعادةَ غيرُ الظهو رِ ، وغيرُ الثراءِ، وغيرُ الترف
ولكنها في نواحى الضمير إذا هو باللؤم لم يُكتنف
خذوا القصدَ، واقتنعوا بالكفاف وخلوا الفضولَ يغلْها السَّرف
وروموا النبوغَ ، فمن ناله تلقَّى من الحظَّ اسنى التحَف
وما الرزقُ مجتنِبٌ حِرْفَةً إذا الحظُّ لم يهجر المحترِف
إذا آختِ الجوهريَّ الحظوظ كفلنَ اليتيمَ له في الصَّدف
وإن أعرضت عنه لم يحلُ في عيونِ الخرائد غيرُ الخزف

* * *

رعى اللهُ ليلتَكم ، إنها تلت عنده ليلةَ المنتصَف
لقد طلع البدرُ من جُنْحها وأوما الى صُحبِها أَن يقف
جلوتم حواشيَهَا بالفنون فمن كل فنٍّ جميل طَرف
فإن تسألوا: ما مكانُ الفنون؟ فكم شرفٍ فوق هذا الشرف
أريكةُ ( مولييرَ) فيما مضى وعرشُ (شِكسبيرَ) فيما سلف
وعودُ (ابن ساعدةٍ) في عُكاظَ إذا سال خاطره بالطُّرَف
فلا يَرْقَيَنْ فيه إلا فتىً الى درجات النبوغ انصرف
تُعلِّمُ حكمتُه الحاضرين وتُسْمِعُ في الغابرين النُّطف
* * *
حمدنا بلاءَكُم في النضالِ وأمِس حمدنا بلاءً السلف
ومن نسىَ الفضلَ للسابقين فما عرف الفضلَ فيما عرف
أليس إليهم صلاح البناءِ إذا ما الأَساس سما بالغرف؟
فهل تأذونون لذى خَلَّةٍ يَفضُّ الراحين فوق الجيف؟
فاين( اللواءُ)، وربُّ اللواءِ إمامُ الشباب، مثالُ الشرف؟
وأين الذي بينكم شِبْلُه على غاية الحق نِعْمَ الخلف؟
ولا بدّ للغرس من نقله إلى من تعهّد أو من قطف
فلا تجحدنَّ يدَ الغارسين وهذا الجَنى في يديك اعترف
أولئك مَرُّوا كدود الحرير شجاها النَّفاعُ وفيه التلف.

أحمد شوقي