musicians

Walid Akl

Musician

(1945-1997)

تحضير الأب يوسف طنوس

حياته

من أشهر عازفي البيانو في لبنان والعالم، ارتبط اسمه بآلة البيانو وحفظت له مكتبة البيانو تسجيلات رائعة وكثيرة لمؤلّفات عالمية خالدة منها معروف ومنها غير معروف اكتشفها هو وسجّلها ووضعها بمتناول العازفين والموسيقيين والنّقّاد. إنّه وليد عقل.

أبصر النّور في بلدته المحيدثة، قرب بكفيا في المتن الشمالي سنة 1945. ولمّا أتمّ دروسه الثانوية ودروسه الموسيقية الأوّليّة على يد أستاذته يولاند صفير-أنتي (Yolande Sfeir-Anti)، غادر لبنان إلى فرنسا بعمر السابعة عشرة، غادر لبنان بعمر السابعة عشرة إلى باريس وعاش فيها بصورة شبه مستمرة .

تابع دراسته الموسيقيّة في باريس في أكاديمية مارغريت لونغ (Marguerite Long) وفي الكونسرفاتوار العالي للموسيقى وفي دار المعلمين للموسيقى (Ecole Normale de Musique). وأنهى دراسته سنة 1969، وكان من بين أساتذته جرمان مونيه (Germaine Mounier) وإيفون لفيبور (Yvonne Lefébure) وجاك فيفريه (Jacques Février).

عزف منفردًا مع أوركسترا ميونيخ الفيلهارمونية، ومع الأوركسترا الفيلهارمونية الجديدة لراديو فرنسا، والأوركسترا السيمفونية لمدينة مكسيكو، وأوركسترا الغرفة بول كوانتز(Paul Kuentz). وأقام حفلات عدّة في أوروبا (فرنسا، بلجيكا، ألمانيا، إسبانيا، تركيا، سويسرا، إيطاليا، بريطانيا، قبرص) وأميركا الشمالية (والولايات المتحدة الأميركية، كندا، المكسيك) والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكرّسها لعزف مؤلّفات من هايدن (Haydn) وبيتهوفن (Beethoven) وليزت وغيرهم. كما أعطى حفلات بثّها شبكة التلفزيون الفرنسي الأولى (TF1).
وكان ضيفًا على مهرجانات موسيقية سنوية، منها المهرجان الدولي في ياخات (Yachat) في الولايات المتحدة الأميركية. كما عزف في سلسلة من إثنتي عشرة حفلة كلّ أعمال هايدن في مدينة سان فرنسيسكو في صالة هيربست (Herbst Theater) وفي مهرجان إخترناخ (Echternach) الدولي في اللوكسمبورغ.

تسجيلاته عديدة تغطي 21 إسطوانة رقمية، من بينها 14 إسطوانة لمؤلّفات هايدن الكاملة لآلة البيانو، وهي المرة الأولى عالميًّا التي تُسجَّل فيها كلّ مؤلّفات هايدن لآلة البيانو، وقد اكتشف موسيقى جديدة لهايدن، لم تكن معروفة سابقًا مدّتها حوالي الساعة. كما أصدر إسطوانة سجّل فيها مؤلّفات الفيلسوف نيتشه (Nietzsche) الموسيقية لآلة البيانو.

وكان وليد عقل قد تعاقد مع أهم الشركات الأميركية، شركة كوش ديسكوفر العالمية (Koch Discover International) من أجل توزيع ونشر إسطواناته في العالم إبتداء من سنة 1997.

إلى جانب فنّه الموسيقي، كان وليد عقل مولعًا بالتاريخ اليوناني الروماني، فألّف كتابًا ونشره عن يوليوس قيصر (Jules César)، تناول فيه حياة رجل الدولة الرومانية الكبير ومقارنًا بعض جوانب حياته ببعض خصائص الموسيقى. وأرفق هذا الكتاب بإسطوانة رقمية تشهد على تلك النظرية.

توفي في باريس في 29 أيلول 1997، عن عمر 52 عامًا، إثر عملية قلب مفتوح طارئة لم تسمح له بإعطاء حفلتيه اللتين كانتا مقرّرتين مسبقًا في مغارة جعيتا في 19 و 20 أيلول من السنة نفسها. وصلّي على جثمانه، بحضور الأهل والأصدقاء والمعجبين، في 1 /10/1997 في الكنيسة الروسية في شارع درو (Dru) في باريس الثامنة. ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه في المحيدثة حيث صلّي عليه في كنيسة البلدة وأقيم له مأتمًا وطنيًّا نهار السبت في الرابع من شهر تشرين الأول من السنة نفسها.

كان وليد عقل يحب لبنان كثيرًا، يرفع إسمه عاليًا في كلّ المحافل الموسيقية الدولية، ويزوره دائمًا ويعطي الحفلات ويقابل طلاّب البيانو والموسيقى، يسمعهم يعزفون ويشجّعهم ويناقشهم ويعطيهم النصائح، كما كان يساعد الموهوبين منهم لإكمال دراسته في الخارج. وفي آخر حفلة له في لبنان أعطاها في قاعة قداسة البابا يوحنا بولس الثاني في جامعة الروح القدس في الكسليك في 26 أيار 1993، قدّم ريعها للجنة الأهل في مدرسة يسوع ومريم من أجل تقديم منح مدرسية وجامعية، إلتقى الطلاّب في كلّية الموسيقى واستمع إلى عزفهم وأعطاهم من خبرته وفنّه وشجّعهم للمضي في دراستهم الموسيقية. فبالرغم من شهرته العالمية، فقد ظلّ إنسانًا متواضعًا، يشغله سعيه إلى الكمال. وأقام العديد من العلاقات الموسيقية والصداقات.

وكان يحتفظ في منزله الفرنسي في لوفسيان (Louveciennes dans les Yvelines) آلة البيانو التي كان هايدن يملكها ويعزف ويؤلّف عليها.

مدحته الصحافة العالمية وقارنته بالمرحوم دينو ليباتي (Dinu Lipatti) نظرًا للشاعرية وللأسلوب الرفيع الذي تميّز به أداؤه لسونتات سكارلاتي (Sonates de Scarlatti)، ولرقّة ودقّة عزفه (بروكسل 23/10/1969): "عندما يجلس وليد عقل إلى البيانو، يخال لك أنك ترى شوبان (Chopin)، ويتحوّل سحر النظر إلى سحر السمع....جسده ويداه وكأنّهما بدون حراك، إلاّ أنّه بارتفاعه وتحرّكه القليل، يخرج من البيانو الكثير".

نال ميدالية الإستحقاق اللبناني من الرئيس شارل حلو، قدّمها له الإستاذ جوزف زعرور مدير عام وزارة التربية الوطنية آنذاك، إثر حفلته الأولى في لبنان في 4 أذار 1969، بعد تخرّجه من باريس. وفي نهار دفنه في لبنان، قلّده الوزير شوقي فاخوري باسم رئيس الجمهورية الياس الهراوي وسام الأرز الوطني.