Articles

Art in the press

بيار شديد: رفقا حملتني معها الى العالم ولن أنسى فضلها طيلة حياتي

بيار شديد: رفقا حملتني معها الى العالم "ولن أنسى فضلها طيلة حياتي الزمنية"



لم يكن سهلا ً عليه تنفيذ العمل وهو الذي قرر أخذه بجدية تامة. يؤمن بأن لرفقا الدور الأكبر بتنفيذه بوجودها الدائم الى جانبه خاصة عندما يناديها كان يجد أمامه المعالم واضحة وسهلة.
بالنسبة اليه، رفقا علمته الكثير ولن ينسى فضلها دوما ً بأنها أوصلته الى كل مكان وخصوصا ً الى العالمية.

بيار شديد الموجود اليوم في كل بيت وكنيسة ودير في لبنان والعالم من خلال لوحة القديسة رفقا يؤمن بأن ما من شيء سهل وكله ايمان برفقا أنها كما أوصلت تنفيذ اللوحة اليه ستحقق حلمه بالدخول الى الفاتيكان وتنفيذ العمل المطلوب.

مع بيار شديد الآتي حديثا ً من روما حيث شارك باحتفالات التقديس وفي معرض تورونييري كان هذا الحوار عن لوحة القديسة رفقا.

كيف قبلت العمل؟

اعتبرته حدث تاريخي وحدث الأجيال الآتية وعليك ان تكون ملتزم بصدقيتك وأن تكون وجداني، لا يمكنك أن تتلاعب بقديس، وتعطيه شكل أو صورة لا دخل له فيه.

هل أنت ملتزم بايمانك وبمسيحيتك؟

أنا ملتزم بايمان وبعلاقاتي مع البشر وبالوصايا التي أوصاني بها السيد المسيح، ولكن هذا لا يعني أنني غير ملتزم بكنيستي، أنا ملتزم بكنيستي لكن هناك بعض الأمور التي لدي عليها بعض الاعتبارات.

كما أعتبر بأن العظة لديها دور كبير في احياء مشاعر الانسان والدخول الى اعماقه وأن الكلام الجوهري هو الرمز لكل القداس ولكنني لا أفضل أن تكون هناك زيارة خاطفة للكنيسة وانحناء الرأس. احب أن أشارك في الأسرار وأتحرك وأشتعل مع المسيح.

كيف هي علاقتك بالسيد المسيح؟

انها علاقة وطيدة وعلاقة عضوية، فأنا أرى المسيح شامل وحاوي لكل التناقضات وهو موجود في كل الجهات وهذا ما شاهدناه خلال حياته، فقد جلس مع العشارين وسامح مريم المجدلية وكان اول من طردهم لتجار الهيكل. لا أحب المظاهر والمؤسسات التي تفقد روحيتها وتبتعد عن هدفها. المسيح قال لمار بطرس: "أنت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها" وقد عنى الكنيسة أي نحن وأنا أؤمن بقول المسيح.

فالألتزام ليس بالأمور الصورية، فرفقا وشربل والحرديني كان لديهم نظرة أبعد من الصلاة ولم تكن الصلاة سوى وسيلة للوصول الى ما هو أسمى وأرقى.

كيف كانت علاقتك برفقا قبل الصورة؟

في الحقيقة، لم أكن أعرفها، كنت أسمع بها فقط.. أنا انسان أملك ثقافة بصرية أتأثر كثيرا ً بالشكل وفيما بعد اذهب الى العمق الفكري ومسار الانسان. الشكل يعني لي الكثير ويعطيني صورة وفكرة. وقد كانت الصورة تؤثر علي كثيرا ً. فلم أكن أتخايل بأن هناك قديسا ً بشعا ً. كنت أرى الصورة غير مقبولة في نظري. خصوصا ً أنني كنت أعلم أنها انسانة خيرة، لكن لم أكن أعلم مصدر الصورة ومن رسمها أم اذا كانت صورتها الأصلية.

هل طلب منك تنفيذ هذا العمل أم كانت مبادرة فردية؟

في الحقيقة أنا من حوالي سنة ونصف كنت أقوم بتحضير تماثيل عائلة الحرديني في حردين وطرح أمامي حينها بأن القديسة رفقا يحضر لها صورة جديدة ولكن هذه الصورة تحضر في روما وبما أن كل شيء "فرنجي برنجي" وبأننا اللبنانيين لا نؤمن بطاقات بعضنا. قطعت الأمل ولم أكن أعلم قيمة الحدث ولا حتى أنه سيعلن تقديسها وأنها الصورة النهائية. لكن قلت في قرارة نفسي لماذا ستصنع الصورة في روما، ولماذا لا يطلب منى رسمها.

لقد كرمت في دولة عربية فلماذا أبقى مغيبا ً في بلدي. ولكني قلت لنفسي اذا كانت القديسة رفقا قديسة فعلا ً وتريد لوحتها فلن تأتي الا لعندي.

وكيف وصل العمل اليك؟

لقد مر بالحقيقة حوالى سنة ونصف وكنت أرى حينها بعض النماذج التي حضرت في روما وفي لبنان ولكن هذاه النماذج لم تعجب اللجان المسؤولة والمعنيين.

فاتصل بي من دير جربتا بواسطة رئيسة الدير الأم ميلاني مقصود وطلب مني المهندس كلود ابي البداية بأن هناك عددا ً من اللوحات التي حضرت باستثناء لوحة التطويب وبأنهم يحاولون ولكنهم لم يعدوني نهائيا ً بأنه سيكون العمل المطلوب. لأنه كان لديهم اعتبارات عدة.

فبدأت التنفيذ بشكل خجول وأخذت العمل بجدية وغيرت كافة الأشكال الموضوعة والمطلوبة. وبعد عدة اجتماعات قاربت ال13 اجتماع مع لجان لاهوتية وليتورجية وكنت دائما ً مصمم على أن هذه هي صورة رفقا وهكذا رأيتها وبالفعل لقد كان لها يد في تنفيذ اللوحة.

هل كانت الفكرة الأساسية لتنفيذ اللوحة؟

بالحقيقة بدأت بتجارب عدة قاربت ال12 محاولة حاولت من خلالها أن أرى المخزون الموجود عندي عن رفقا وأين أنا منها. لكن هذه المحاولات لا أقول عنها أنها لا تمثل القديسة رفقا، فقد كنت أحاول أن أفتش عن الحركة في حياة رفقا الراهبة المخلعة التي أمضت جزء كبير من حياتها في الفراش. وكان همي ما قبل مرضها، النشاط التي قامت به وحاولت أن أضعه في شخصيتها.

بدأت في المرحلة الأولى من حياتها في منزل والدها. وليس في المرحلة النهائية لحياتها. وحاولت أن أفتش عن النزعة التي تشد الانسان الى طريق القداسة. وأعتقد بأن وفاة أمها كان له الأثر في حياتها.

وهكذا أمضيت حوالى شهر ونصف أقرأ سيرة حياتها وأشاهد الفيلم المصور وأجريت بعض الأبحاث بالاضافة الى بعض الوثائق. وكنت أحاول أن أعيشها أكثر فأكثر وأن أتأمل فيها. في مراحل حياتها كافة.

فالأثر الأكبر كان في كافة طرق العيش التي مرت بها من موت أمها الى خدمتها في سوريا وعودتها الى منزل أهلها ورؤية زوجة ابيها والشجار بين زوجة ابيها وخالتها. وهذه النقاط الاساسية التي أثرت بي كانسان وأعطتني صورة عن وضعها النفسي.

هل شعرت بوجودها الى جانبك خلال تنفيذ العمل؟

لم أشعر بأنها كانت جزء منفصل عني ولا أنه يوجد شخص ثان الى جانبي. لأنني كنت أشعر باتحاد بيني وبينها. وكنت أرى بعض التدخل لها في بعض الأحيان خصوصا ً في مرحلة الوجه الذي أخذ الجزء الاكبر من تنفيذ العمل وبقيت الى آخر لحظة أعدل بالوجه.

كيف اعتمدت الصورة النهائية؟

بعد 13 تجربة بقيت غير مقتنع بأنها هي وكنت أفتش دوما ً عن صورة رفقا كما رأيتها هي وكنت باستمرار أسأل عن العمل وبأنني قد تأخرت بتنفيذه.

وهل كانت قد اعتمدت من قبلهم نهائيا ً؟

بعد مرورها على لجان عدة بدأت اللوحة تأخذ مجراها في الطريق الصحيح وبدأ القيمون على اللجان الاقتناع بأن هذه هي القديسة رفقا ولكن بقي لديهم بعض الاعتبارات كحنية الرأس واليدان خصوصا ً بأنني كنت في مرحلة تبديل صورة موجودة في ذهن الناس عمرها عشرات السنين الا وهي صورة التطويب كنت ادرك مدى صعوبة الموضوع ولكني حاولت الاقناع دوما ً باللاهوت والناسوت وحياتها.

هلاً شرحت لنا اللوحة؟

بداية أحببت ان ابقي القديسة رفقا واقفة لأنها بالنسبة لي لم تصبح كسيحة، لأن يديها بقيت تعمل بكل حركة. هذا لا يعني انني أحاول التعتيم على مرحلة المرض في حياتها، لكني لا أريد أن أركز على هذه النقطة ولو أخذت جزء كبير من حياتها. لأنني رأيت رفقا حيوية وكلها طاقة وعطاء وقد درست وعلمت وتنقلت بين اديار عدة وهذا يدل على حيويتها. كانت امرأة للعمل والنشاط وليس فقط للصلاة. كانت مربية وخادمة حتى أن بنيتها كانت قوية كما تصفها اختها باحدى الوثائق وقد فضلت هذا الوضع لأنني ان رسمتها طريحة الفراش اشعر بأن دورها كله كان على الفراش مع العلم ان دورها كان ابعد من ذلك. وأردت أن أبقي على صورتها الأولى في العطاء والتضحية في الأذهان وحتى رغم مرضها كانت حيوية لأننا لا ننسى بأنها في خميس القربان انتقلت زاحفة الى الكنيسة.

والكتاب؟

أخذته عن صورة للقديسة رفقا مع الأم اورسلا وعدد من الراهبات وهن يحملن هذا الكتاب الذي هو دليل على الصلاة والتربية ولكن بالدرجة الأولى علامة الصلاة.

الى جانب المسبحة التي لم تفارقها طيلة حياتها وهي جزء منها. من هنا كنت أطلع على الوثائق والحقائق عن حياة رفقا.

والوجه؟

لقد أخذت مقاييس الوجه علميا ً عن الصورة الوحيدة الموجودة للقديسة رفقا التي رسمها الأخ نعمة الله المعادي. وطبقت المقاييس محاولا ً عدم رسمها بالعمر التي كانت فيه حينها 70 عاما ً.

أخذت بعين الاعتبار شكلها ووجهها وفي احدى الليالي خلال التجارب التي كنت اقوم بها استلقيت قليلا ً وقلت لها "ساعديني يا رفقا كي أرسم وجهك" خصوصا ً أنني أمام مسؤولية كبرى الى أبد الآبدين وهنا استيقظت وقد توضحت معالم الوجه أمامي فرسمته بقلم الرصاص وقلت لها ساعديني أكثر وأكثر.

وفي اليوم التالي جاء الرهبان وعندما رأوا الوجه بقلم الرصاص قالوا هذه هي رفقا. خصوصا ً المدبر طنوس نعمه الذي أكد لي فيما بعد أن هذه هي القديسة رفقا" ورأيتها في منامي".

وحنية الرأس؟

تعني النذورات التي نذرتها القديسة رفقا وهي التواضع والعفة والفقر وهي من بنود الرهبنة. ولكن هذا لا يعني الانكسار بل الامتلاء. من النعم والحكمة. من هنا كانت نظرتها تأملية ماورائية.

وقد حاولت رفع الاسكيم قليلا ً عن عينيها وانزاله قليلا ً عن الخد كي يظهر الوجه جليا ً.

والدير؟

انه الدير الذي عاشت فيه آخر أيام حياتها ولن ننسى بأنه الدير الذي أتت اليه رفقا مع الأم أورسلا وراهبات وقد ساهموا ببنائه. وقد حاولت رسمه بالهندسة الأولى له أي قبل الاضافات عليه في الثلاثينات. الى جانب الطبيعة التي عاشت فيها التي لها دور كبير في بلورة شخصية الانسان والأرزة لها رمز كبير في حياتنا الروحية والوطنية. ولا تنسى بأن ذكر كثيرا ً عبر التاريخ لأنه الأرز الخالد. لديه ابعاد كثير.

والكرمة وسنبلة القمح؟

انهما رمز للافخارستيا الذي كان له الدور الكبير في حياة رفقا. القربان المقدس والخمرة. وقد حاولت الامتناع عن وضع كأس في الطبيعة لأنني اردت الابتعاد عن الأمور الاصطناعية وترك كل ما هو طبيعي والسنبلة هي علامة القمح والعنب الكرمة الموجودان في الطبيعة ووضعتهما على صخرة وهي موجودة في الطبيعة فالصخرة صخرة الكنيسة.

فضلا ً عن صليب الرهبانية اللبنانية المارونية وأيقونة سيدة ايليج العجائبية التي يبلغ عمرها الألف سنة التي هي رمز للعمق وتجذر الموارنة في هذا الشرق.

وهل كان للألوان المستعملة دور في اللوحة؟

طبعا ً هناك ثلاثة الوان في السماء، تعني حرارة الضوء والألم وتلاشيه والمرحلة السماوية. والحالة الوسطى هي تلاشي الألم والأزرق المرحلة السماوية.

واللون الأبيض حول رأسها هو الحالة القصوى من الايمان لأن اللون الذهبي فقط للمسيح الذي هو لون ملوكي.

كم أخذت من الوقت هذه اللوحة؟

أخذت أربعة أشهر ونصف بين دراسة واشراف من قبل اللجان المشرفة.

كيف أصبحت علاقتك مع رفقا اليوم؟

رفقا أوصلتني الى كل بيت ودير وكنيسة، لقد حملتني معها.

لقد انطلقت من الايمان بها وبرسالتها ورسالتي بالفن.

جعلتني أتعاطى بجدية مع أعمالي وأعالج الأمور وأحارب كما حارب القديسون وتعلمت أن أقول كلمة الحق وعدم الكذب في تعاملي مع الغير وقد علمتني أمورا ً أخرى لا أحب أن أذكرها. ولكن لا بد في النهاية من ان تصل السفينة وترسو على الميناء الصحيح.

علينا أن نتعلم الدرس حتى لا نبقى ضائعين لأن الحقيقة التي بداخلك هي التي تضيء في آخر المطاف.

وأنا في كل دقيقة أتجدد مع رفقا لأن رفقا ليست حالة فهي موجودة بقوة الله مع المسيح أينما كان وليس فقط عند الضريح، في جربتا، وعلينا ان نعيش حقيقتنا وأن ندرك مدى أهمية القديسين.

بمن تأثرت من الرسامين؟

لقد تأثرت بميكال انج ورافاييل ودولاكروا.

ما هو حلمك المستقبلي؟

أحلم دائما ً بأنني أرسم في الكنائس وقد شاركت مؤخرا ً خلال وجودي في روما في معرض تورونييري للفن المقدس وقد وضعت الفاتيكان كل امكانياتها لانجاح المعرض لمواجهة التيارات الهدامة بفن يحمل في طياته القيم والأخلاقيات من أهم الفنانين.

مع العلم ان من يفوز بالجائزة يختار لتنفيذ عمل ما في قلب الفاتيكان. وأتمنى أن أكون من ينفذ هذا العمل. فقد أصبح لرفقا دور كبير في حياتي.

كلمتك الأخيرة:

يكفينا فخرا ً أننا الشعب الوحيد عبر التاريخ الذي لم يستعمر دولة وكانت رسالتنا دوما ً الحب والجمال والفكر ولا ننسى بأن لبنان هو نبع لكل الحضارات.

فارس باسيل