Articles

Art in the press

هجع جبار الوادي لمي ذيادة

نشرت نابغة الشرق الكاتبة اللبنانية" مى" مقالاً ضافياً فى الأهرام عن فقيد مصر العظيم" سعد زغلول " أحببنا أن نأخذ منه القسم المتعلق بالمرأة المصرية قالت مى: فباسم سعد اجترأت المراة المصرية على رفع صوتها ، وتحت لوائه سارت مواكب النساء فى الشوارع وهتفت بحياة الوطن والحرية والاستقلال . وفى ظل سطوته تلقى الجمهور اسم المرأة وهتافها وتعود ان يستمع لمطالبها فى تهيب واحترام ، ولولا ذلك لكن زاريا واجماً ، وهل من عامل أقدر على تقدير المرأة من أن الزعيم العائد من المنفى تلك العودة الفخمة المنصورة- يستهل خطابه فى فند ق سميراميس شاكراً احتفاء عظماء قومه به فيقول "سادتى وأرجو ان أبدأ خطابى فى محفل قريب بقولى " سيداتى وسادتى" لأن المرأة المصرية للمرة الأولى تؤخذ صورة ملكة مصر " الملكة نازلى" وهى خارجة من قصرها مع وصيفاتها ، وقد تبرقعت على طريقة الأميرات المصريات ، وتعد الملكة من أجمل نساء مصر.قسطاً من الفخر فى جهاد الأمة " فيقابل هذا الكلام بالتصفيق الحاد المتواصل.

وهل من عامل أقدر على السفور أن يدخل الزعيم سرادير السيدات بعد عودته من المنفى فيأبى البقاء فيه إلا إذا اسفرت السيدات المجتمعات لاستقباله . وسابقت يده لسانه فى ما أراد فمد يده ضاحكا ورفع الحجاب عن وجه اقرب السيدات إليه . فكان ضحك وكان تصفيق ، وكان تهلل وأسفرت الحاضرات بعد ذلك التحجب فكان ذلك اليوم عنوان تحرير المرأة. وفهمنا منه قول قاسم آمين فى تقديم كتابه " المرأة الجديدة " إلى صديقه سعد زغلول:

" فيك وجدت قلباً يحب وعقلاً يفتكر وارادة تعمل " " أنت الذى مثلت إلى المودة فى أكمل أشكالها فأدركت أن الحياة ليست كلها شقاء وأن فيها ساعات حلوة لمن يعرف قيمتها"

وكانت حرم سعد أولى من تجمع حولها قلب الجمهور فألف تقدير المرأة فى هذه الأعوام فخرجت فيه غير مرة خطيبة ، وأعلنت عليه البيانات موقعة باسمها ، وكان يوم سفرها للأجتماع بزوجها المنفى لا يقل حماسة عن أى يوم من أعظم أيام الانتصار لمصر فى أيامها المشهودة ، وسفرت فى صورتها فرأينا مثالاًمن السفور الكريم والجلال الذى لا يلجأ إلى تظاهر او تنطع أو دعوى . اليوم يوم النفى يا زوجة سعد ، اليوم يوم الاغتراب الطويل . هجع الجبار العذب القاسى ، هجع جبار الوادى . وبقيت أنت قيمة على اللهيب الذى أذكاه وتلقيت أنت من ذكره ذلك المغناطيس الذى كان وسيظل مستوليا على القلوب فعالاً فى النفوس . كل هذه الأعوام كانت فجراً سيعقبها نهار وهاج محتوم. فكونى أنت المراة التى نعهد ، تضم إلى قدرتها الشخصية قدرة القدير الهاجع . وارفعى فى هذه الأمة صوتك لتذكريها أنها سائرة إلى الحياة رغم الخطوب الجسام والخسارات الفوادح.

الشعب يتيم يبكى أباه. ولا يخفف الجوى إلا صوت الأم الحنون . فاستبسلى يا ام الشعب الباسلة ، وهممى فى مصابك بكلمات حلوة رقيقة. كلمة العزاء يجب ان تلقى من المرأة وأنت اليوم تلك المرأة لأنك أنت ، لأنك زوجة الفلاح العظيم والمصرى الصميم . لأنك سيدة بيت الأمة لأنك فى قلب مصر الجريح القلب المنفطر الدامى.

انفثى فى النفوس بسحر الجبار الهاجع وارسلى على الجماهير روعة صوته وقولى لأبنائك ان سعدا واحد منهم ليس غير ، فعليهم أن ينشطوا ليكونوا منهم ألف سعد فى الطليعة قولى كلمة المؤاساة. انت التى تتهافت القلوب لمؤاساتك ، انت التى فقدت فيه الأب والأخ والزوج والولد جميعاً ! تكلمى من صميم تفجعك لتشحذى الهمم وتشددى عزائم الرجال وتقوى قلوب النساء! قولى بوجوب العلم وقولى باتحاد العناصر ، وتألف الأحزاب ! قولى إن الوقت خطير يحتاج إلى الشخصيات القوية والحب والإقدام والجهاد وقولى ان الوادى يجب أن ينجب ألف ألف سعد على كر العصور وأخيراً قولى هذه الكلمة العظيمة التى ستجئ منك أوقع ما تكون :

" ليس لكل مجد الأمم قائماً بعظمائها الاحياء ، ولا بد لها مع جهاد هؤلاء من قبور عظمائها الهاجعين لتستمد من جوانبها النور والعزم والشجاعة"